Call to Tawhid

ستة أصول عظيمة مفيدة | شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى

Started by Subul’us Salâm, 10.02.2023, 02:29

Previous topic - Next topic

Subul’us Salâm


سِتَّةُ أُصُولٍ عَظِيمَةٌ مُفِيدَةٌ1

تَأْلِيف: الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ.

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

مِنْ أَعْجَبِ الْعُجَابِ، وَأَكْبَرِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَةِ الْمَلِكِ الْغَلاَّبِ سِتَّةُ أُصُولٍ بَيَّنَهَا اللهُ تَعَالَى بَيَانًا وَاضِحًا لِلْعَوَامِّ فَوْقَ مَا يَظُنُّ الظَّانُّونَ ثُمَّ بَعْدَ هٰذَا غَلِطَ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ أَذْكِيَاءِ الْعَالَمِ، وَعُقَلاَءِ بَنِي آدَمَ، إِلاَّ أَقَلَّ الْقَلِيلِ.

اَلْأَصْلُ الْأَوَّلُ: إِخْلاَصُ الدِّينِ لِلّٰهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَبَيَانُ ضِدِّهِ الَّذِي هُوَ الشِّرْكُ بِاللهِ، وَكَوْنُ أَكْثَرِ الْقُرْآنِ فِي بَيَانِ هٰذَا الْأَصْلِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى، بِكَلاَمٍ يَفْهَمُهُ أَبْلَدُ الْعَامَّةِ، ثُمَّ لَمَّا صَارَ عَلَى أَكْثَرِ الْأُمَّةِ مَا صَارَ: أَظْهَرَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ الْإِخْلاَصَ فِي صُورَةِ تَنَقُّصُ الصَّالِحِينَ وَالتَّقْصِيرِ فِي حَقُوقِهِمْ، وَأَظْهَرَ لَهُمُ الشِّرْكَ بِاللهِ فِي صُورَةِ مَحَبَّةِ الصَّالِحِينَ وَإِتِّبَاعِهِمْ.

اَلْأَصْلُ الثَّانِي: أَمَرَ اللهُ بِالإِجْتِمَاعِ فِي الدِّيْنِ وَنَهَى عَنِ التَّفَرُّقِ فِيهِ.

فَبَيَّنَ اللهُ هٰذَا بَيَانًا شَافِيًا تَفْهَمُهُ الْعَوَامُّ، وَنَهَانَا أَنْ نَكُونَ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا قَبْلَنَا فَهَلَكُوا، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِالإِجْتِمَاعِ فِي الدِّينِ وَنَهَاهُمْ عَنِ التَّفَرُّقِ فِيهِ. وَيَزِيدُهُ وُضُوحًا مَا وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنَ الْعَجَبِ الْعُجَابِ فِي ذٰلِكَ، ثُمَّ صَارَ الْأَمْرُ إِلَى أَنَّ الإِفْتِرَاقَ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ هُوَ الْعِلْمُ وِالْفِقْهُ فِي الدِّينِ، وَصَارَ الْأَمْرُ بِالإِجْتِمَاعِ فِي الدِّينِ لاَ يَقُولُهُ إِلاَّ زِنْدِيقٌ أَوْ مَجْنُونٌ.

اَلْأَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ تَمَامِ الإِجْتِمَاعِ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ لِمَنْ تَأَمَّرَ عَلَيْنَا وَلَوْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا. فَبَيَّنَ اللهُ لَهُ هٰذَا بَيَانًا شَائِعًا كَافِيًا بِوُجُوهٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ شَرْعًا وَقَدْرًا. ثُمَّ صَارَ هٰذَا الْأَصْلُ لاَ يُعْرَفُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِى الْعِلْمَ، فَكَيْفَ الْعَمَلُ بِهِ؟

اَلْأَصْلُ الرَّابِعُ: بَيَانُ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ، وَالْفِقْهِ وَالْفُقَهَاءِ، وَبَيَانُ مَنْ تَشَبَّهَ بِهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى هٰذَا الْأَصْلَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ قَوْلِهِ:

﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ.﴾ [البقرة: 40] إِلَى قَوْلِهِ قَبْلَ ذِكْرُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ:

﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ.﴾ [البقرة: 122] اَلْآيَة.

وَيَزِيدُهُ وُضُوحًا مَا صَرَّحَتْ بِهِ السُّنَّةُ فِي هٰذَا الْكَلاَمِ الْكَثِيرِ الْبَيِّنِ الْوَاضِحِ لِلْعَامِّيِّ الْبَلِيدِ، ثُمَّ صَارَ هٰذَا أَغْرَبَ الْأَشْيَاءِ، وَصَارَ الْعِلْمُ وَالْفِقْهُ هُوَ الْبِدَعُ وَالضَّلاَلاَتُ، وَخِيَارُ مَا عِنْدَهُمْ لَبْسُ الْحَقِّ بِالْبَاطِلِ، وَصَارَ الْعِلْمُ الَّذِي فَرَضَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى الْخَلْقِ وَمَدَحَهُ: لاَ يَتَفَوَّهُ بِهِ إِلاَّ زِنْدِيقٌ أَوْ مَجْنُونٌ، وَصَارَ مَنْ أَنْكَرَهُ وَعَادَاهُ وَصَنَّفَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْهُ وَالنَّهْيِ عَنْهُ هُوَ: اَلْفَقِيهَ الْعَالِمِ.

اَلْأَصْلُ الْخَامِسُ: بَيَانُ اللهِ سُبْحَانَهُ لِأَوْلِيَاءِ اللهِ وَتَفْرِيقُهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُتَشَبِّهِينَ بِهِمْ مِنْ أَعْدَاءِ اللهِ الْمُنَافِقِينَ وَالْفُجَّارَ.

وَيَكْفِي فِي هٰذَا آيَةٌ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، وَهِيَ قَوْلُهُ:

﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللّٰهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّٰهُ.﴾ [آل عمران: 31]

اَلْآيَة. وَآيَةٌ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّٰهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ.﴾ [المائدة: 54] اَلْآيَة، وَآيَةٌ فِي يُونُسَ وَهِيَ قَوْلُهُ:

﴿أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللّٰهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. اَلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ.﴾ [يونس: 62-63]

ثُمَّ صَارَ الْأَمْرُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ وَأَنَّهُ مِنْ هُدَاةِ الْخَلْقِ وَحُفَّاظِ الشَّرْعِ إِلَى أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ لاَ بُدَّ فِيْهِمْ مِنْ تَرْكِ اتِّبَاعِ الرُّسُلِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ فَلَيْسَ مِنْهُمْ. وَلاَ بُدَّ مِنْ تَرْكِ الْجِهَادِ، فَمَنْ جَاهَدَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ، وَلاَ بُدَّ مِنْ تَرْكِ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى، فَمَنْ تَعَهَّدَ بِالْإِيْمَانِ وَالتَّقْوَى فَلَيْسَ مِنْهُمْ.

يَا رَبَّنَا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ.

اَلْأَصْلُ السَّادِسُ: رَدُّ الشُّبْهَةِ الَّتِي وَضَعَهَا الشَّيْطَانُ فِي تَرْكِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَاتِّبَاعِ الْآرَاءِ وَالْأَهْوَاءِ الْمُتَفَرِّقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهِيَ أَنَّ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ لاَ يَعْرِفُهُمَا إِلاَّ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ، وَالْمُجْتَهِدُ هُوَ: اَلْمَوْصُوفُ بِكَذَا وَكَذَا؛ أَوْصَافًا لَعَلَّهَا لاَ تُوجَدُ تَامَّةً فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْإِنْسَانُ كَذٰلِكَ: فَلْيُعْرِضْ عَنْهُمَا فَرْضًا حَتْمًا لاَ شَكَّ وَلَا إِشْكَالَ فِيهِ، وَمَنْ طَلَبِ الْهُدَى مِنْهُمَا فَهُوَ: إِمَّا زِنْدِيْقٌ وَإِمَّا مَجْنُونٌ؛ لِأَجْلِ صُعُوبَةِ فَهْمِهِمَا.

فَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، كَمْ بَيَّنَ اللهُ سُبْحَانَهُ شَرْعًا وَقَدْرًا، خَلْقًا وَأَمْرًا، فِي رَدِّ هٰذِهِ الشُّبْهَةِ الْمَلْعُونَةِ مِنْ وُجُوهٍ شَتَّى بَلَغَتْ إِلَى حَدِّ الضَّرُورِيَّاتِ الْعَامَّةِ:

﴿وَلٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ.﴾ [الأعراف: 187]

﴿لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ. إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِـيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ. وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ. وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ. إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمٰنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ.﴾ [يس: 7-11]

آخِرُهُ وَالْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.


1- مُؤَلَّفَاتُ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ، 393/1-397.
"If the ignorant persists, gets haughty, is determined upon his transgression and misguidance, chooses blindness over guidance, and if what he falls into and disputes with regards to is Shirk Akbar (major Shirk) that brings the person who commits it out of the fold of the faction of Muslims to the party of polytheists, then in this case, the just verdict is the sword!" (al-Fath'ur Rabbânî min Fatâwâ'l Imâm ash-Shawkânî, 1/185)

🡱 🡳

Similar topics (5)