تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ التَّوْحِيدَ
تَأْلِيف: الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ:
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ، اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَهٰذِهِ رِسَالَةٌ نَافِعَةٌ فِيْمَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُعَلِّمَ الصِّبْيَانَ قَبْلَ تَعْلِيْمِهِمُ الْقُرْآنَ حَتَّى يَصِيرَ مُسْلِمً كَامِلاً عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلاَمِ، وَمُوَحِّدًا جَيِّدًا عَلَى طَرِيْقَةِ الْإِيْمَانِ.
وَرَتَّبْتُهُ عَلَى طَرِيقَةِ سُؤَالٍ وَجَوَابٍ:
س١: إِذَا قِيلَ لَكَ مَنْ رَبُّكَ؟
جـ: فَقُلْ، رَبِّيَ اللهُ.
س٢: وَمَا مَعْنَى الرَّبِّ؟
جـ: فَقُلْ: اَلْمَالِكُ الْمَعْبُودُ.
وَمَعْنَى اللهِ: ذُو الْأُلُوهِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ.
س٣: فَإِذَا قِيلَ لَكَ: بِمَا تَعْرِفُ رَبَّكَ؟
جـ: فَقُلْ: أَعْرِفُهُ بِآيَاتِهِ وَمَخْلُوقَاتِهِ.
وَمِنْ آيَاتِهِ: اَللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.
وَمِنْ مَخْلُوقَاتِهِ: اَلسَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَا فِيهِمَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذٰلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﵟإِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يُغۡشِي ٱلَّيۡلَ ٱلنَّهَارَ يَطۡلُبُهُۥ حَثِيثٗاﵞ [الأعراف: 54] إِلَى قَوْلِهِ: ﵟتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَﵞ [الأعراف: 54].
س٤: فَإِنْ قِيلَ لَكَ: لِأَيِّ شَيْءٍ خَلَقَكَ؟
جـ: فَقُلْ: لِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَطَاعَتِهِ بِامْتِثَالِ مَا أَمَرَ بِهِ، وَتَرْكِ مَا نَهَى عَنْهُ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﵟوَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِﵞ [الذاريات: 56].
وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: ﵟوَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡـٔٗاۖﵞ [النساء: 36].
وَالشِّرْكُ أَعْظَمُ ذَنْبٍ عُصِىَ اللهُ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﵟإِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖﵞ [المائدة: 72].
وَالشِّرْكُ: أَنْ يَجْعَلَ لِلّٰهِ نِدًّا يَدْعُوهُ، أَوْ يَرْجُوهُ، أَوْ يَخَافُهُ، أَوْ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، أَوْ يَرْغَبُ إِلَيْهِ مِنْ دُونِ اللهِ، وَغَيْرُ ذٰلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ.
فَإِنَّ الْعِبَادَةَ: اِسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ.
وَمِنْهَا الدُّعَاءُ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﵟوَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗاﵞ [الجن: 18].
وَالدَّلِيْلُ عَلَى أَنَّ دَعْوَةَ غَيْرِ اللهِ كُفْرٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﵟوَمَن يَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ لَا بُرۡهَٰنَ لَهُۥ بِهِۦ فَإِنَّمَا حِسَابُهُۥ عِندَ رَبِّهِۦٓۚ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلۡكَٰفِرُونَﵞ [المؤمنون: 117].
وَذٰلِكَ أَنَّ الدُّعَاءَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﵟوَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَﵞ [غافر: 60].
وَفِي السُّنَنِ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: اَلدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ.
وَأَوَّلُ مَا فَرَضَ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ الْكُفْرَ بِالطَّاغُوتِ وَالْإِيمَانَ بِاللهِ، قَالَ تَعَالَى: ﵟوَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖﵞ [النحل: 36].
وَالطَّاغُوتُ: مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللهِ، أَوِ الشَّيْطَانُ، وَالْكُهَّانُ، وَالْمُنَجِّمُ، وَمَنْ يَحْكُمْ بِغَيْرِ مِا أَنْزَلَ اللهُ، وَكُلُّ مَتْبُوعٍ مُطَاعٍ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ.
قَالَ الْعَلاَّمَةُ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: اَلطَّاغُوتُ: مَا تَجَاوَزَ بِهِ الْعَبْدُ حَدَّهُ مِنْ مَعْبُودٍ، أَوْ مَتْبُوعٍ، أَوْ مُطَاعٍ.
س٥: فَإِنْ قِيْلَ لَكَ: مَا دِيْنُكَ؟
جـ: فَقُلْ: دِيْنِي الْإِسْلاَمُ.
وَمَعْنَى الْإِسْلاَمُ: اَلاِسْتِسْلاَمُ لِلّٰهِ بِالتَّوْحِيدِ، وَالاِنْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ وَمُوَالاَةُ الْمُسْلِمِينِ، وَمُعَادَاةُ الْمُشْرِكِيْنَ.
قَالَ تَعَالَى: ﵟإِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗﵞ [آل عمران: 19]، وَقَالَ: ﵟوَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُﵞ [آل عمران: 85].
وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : اَلإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيْمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً.
وَمَعْنَى لَا إِلٰهَ إِلاَّ اللهُ: أَيْ لاَ مَعْبُودَ حَقٌّ إِلاَّ اللهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﵟوَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا تَعۡبُدُونَ ٢٦ إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ ٢٧ وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ بَاقِيَةٗ فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَﵞ [الزخرف: 26-28]. وَالدَّلِيلُ عَلَى الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﵟوَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِﵞ [البينة: 5].
فَنَبَّهَ فِي هٰذِهِ الْآيَةِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الشِّرْكِ.
فَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ بِهِ التَّوْحِيدَ، وَأَكْبَرُ مَا نَهَى عَنْهُ الشِّرْكَ، وَأَمَرَ بِإِقَامَةِ الصَّلاَةِ وَإِيْتَاءِ الزَّكَاةِ، وَهٰذَا هُوَ مُعْظَمُ الدِّيْنِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الشَّرَائِعِ تَابِعٌ لَهُ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَرْضِ الصِّيَامِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﵟيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡﵞ [البقرة: 183] إِلَى قَوْلِهِ: ﵟشَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ هُدٗى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَٰتٖ مِّنَ ٱلۡهُدَىٰ وَٱلۡفُرۡقَانِۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهۡرَ فَلۡيَصُمۡهُۖﵞ [البقرة: 185] الآية.
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَرْضِ الْحَجِّ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﵟوَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِﵞ [آل عمران: 97] الآية.
وَأُصُولُ الْإِيْمَانِ سِتَّةٌ:
أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.
وَدَلِيْلُهُ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهِ ... الحديث.
س٦: وَإِذَا قِيْلَ لَكَ: مَنْ نَبِيُّكَ؟
جـ: فَقُلْ : نَبِيُّنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، اِصْطَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ قُرَيْشٍ وَهُمْ صَفْوَةُ وَلَدِ إِسْمَاعِيْلَ، وَبَعَثَهُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ فَدَعَا النَّاسَ إِلَى إِخْلاَصِ الْعِبَادَةِ لِلّٰهِ وَتَرْكِ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنَ الْأَصْنَامِ، وَالْأَحْجَارِ، وَالْأَشْجَارَ، وَالْأَنْبِيَاءِ، وَالصَّالِحِينَ، وَالْمَلاَئِكَةِ، وَغَيْرِهِمْ.
فَدَعَا النَّاسَ إِلَى تَرْكِ الشِّرْكِ، وَقَاتَلَهُمْ إِلَى تَرْكِهِ وَأَنْ يُخْلِصُوا الْعِبَادَةَ لِلّٰهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﵟقُلۡ إِنَّمَآ أَدۡعُواْ رَبِّي وَلَآ أُشۡرِكُ بِهِۦٓ أَحَدٗاﵞ [الجن: 20].
وَقَالَ تَعَالَى: ﵟقُلِ ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِيﵞ [الزمر: 14].
وَقَالَ تَعَالَى: ﵟقُلۡ إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَآ أُشۡرِكَ بِهِۦٓۚ إِلَيۡهِ أَدۡعُواْ وَإِلَيۡهِ مَـَٔابِﵞ [الرعد: 36].
وَقَالَ تَعَالَى: ﵟقُلۡ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَأۡمُرُوٓنِّيٓ أَعۡبُدُ أَيُّهَا ٱلۡجَٰهِلُونَ ٦٤ وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٦٥ بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّٰكِرِينَﵞ [الزمر: 64-66].
وَمِنْ أُصُولِ الْإِيْمَانِ الْمُنْجِى مِنَ الْكُفْرِ: اَلْإِيْمَانُ بِالْبَعْثِ، وَالنَّشْرِ، وَالْجَزَاءِ، وَالْحِسَابِ. وَالْجَنَّةُ، وَالنَّارُ حَقٌّ.
قَالَ تَعَالَى: ﵟمِنۡهَا خَلَقۡنَٰكُمۡ وَفِيهَا نُعِيدُكُمۡ وَمِنۡهَا نُخۡرِجُكُمۡ تَارَةً أُخۡرَىٰﵞ [طه: 55].
وَقَالَ تَعَالَى: ﵟوَإِن تَعۡجَبۡ فَعَجَبٞ قَوۡلُهُمۡ أَءِذَا كُنَّا تُرَٰبًا أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدٍۗ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡأَغۡلَٰلُ فِيٓ أَعۡنَاقِهِمۡۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَﵞ [الرعد: 5].
وَفِي الْآيَةِ دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ جَحَدَ الْبَعْثَ كَفَرَ كُفْرًا يُوجِبُ الْخُلُودَ فِي النَّارِ.
أَعَاذَنَا اللهُ مِنَ الْكُفْرِ وَأَعْمَالِ الْكُفْرِ، فَضَمَّتْ هٰذِهِ الْآيَاتُ بَيَانَ مَا بُعِثَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِخْلاَصِ الْعِبَادَةِ لِلّٰهِ، وَالنَّهْيِ عَنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللهِ وَقَصْرِ الْعِبَادَةِ لِلّٰهِ، وَهٰذَا دِيْنُهُ الَّذِى دَعَا النَّاسَ إِلَيْهِ وَجَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﵟوَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚﵞ [الأنفال: 39].
وَالْفِتْنَةُ: الشِّرْكُ.
وَقَدْ بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِيْنَ سَنَةٍ، فَدَعَا النَّاسَ إِلَى الْإِخْلاَصِ، وَتَرْكِ عِبَادَةِ مَا سِوَى اللهِ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ، ثُمَّ عُرِجَ بِهِ إَلَى السَّمَاءِ وَفُرِضَ عَلَيْهِ الصّلَوَاتُ الْخَمْسُ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ تَعَالَى فِي ذٰلِكَ، ثُمَّ أُمِرَ بَعْدَ ذٰلِكَ بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِيْنَةِ، وَأُمِرَ بِالْجِهَادِ فَجَاهَد فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ سِنِيْنَ حَتَّى دَخَلَ النَّاسُ فِي دِيْنِ اللهِ أَفْوَاجًا فَلَمَّا تَمَّتْ ثَلاَثٌ وَسِتُّونَ سَنَةً - وَالْحَمْدٌ لِلّٰهِ تَمَّ الدِّيْنُ، وَبَلَغَ الْبَلاَغُ مِنْ إِخْبَارِ اللهِ تَعَالَى عَبْدَهُ بِقَبْضِهِ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَالسَّلاَمُ.
وَأَوَّلُ الرُّسُلِ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَآخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﵟإِنَّآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ كَمَآ أَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ نُوحٖ وَٱلنَّبِيِّـۧنَ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ ﵞ [النساء: 163].
وَقَالَ تَعَالَى: ﵟوَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٞﵞ [آل عمران: 144].
وَقَالَ تَعَالَى: ﵟمَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـۧنَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٗاﵞ [الأحزاب: 40].
وَأَفْضَلُ الرُّسُلِ: نَبِيُّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَفْضَلُ الْبَشَرِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ: أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، ثُمَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَرَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَخَيْرُ الْقُرُونِ الْأَوَّلُ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ.
وَعِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَيَقْتُلُ الدَّجَّالَ.
وَالْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
تَمَّتْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.