Tevhide Davet

حكم تكفير المعين | إِسحاق بن عبد الرحمن

Başlatan Tevhîd Müdafaası, 31.01.2024, 20:10

« önceki - sonraki »

0 Üyeler ve 1 Ziyaretçi konuyu incelemekte.

Tevhîd Müdafaası


حُكْمُ تَكْفِيرِ الْمُعَيَّنِ
وَالْفرْقُ بَيْنَ قِيَامِ الْحُجَّةِ وَفَهْمِ الْحُجَّةِ
اَلشَّيْخُ الْعَلاَّمَةُ إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ بْنِ حَسَنِ آلُ الشَّيْخِ
(رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالىَ أَجْمَعِينَ)
قَالَ ابْنُ عَقِيل رَحِمَهُ اللهُ: «إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ، وَلَا ‌ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ ‌أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ.»
İbnu Akîl Rahimehullâh dedi ki: "Zamane insanlarda İslam'ın yerini bilmek istersen, camilerin kapısındaki izdihamlarına ve mevkıfte Lebbeyk diye bağırtılarına bakma! Yalnızca onların şeriat düşmanlarıyla uzlaşmalarına bak!" (İbnu Muflih, el-Âdâb'uş Şerîa, 1/237)

Tevhîd Müdafaası


بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَا يُسْتَغَاثُ فِي الشَّدَائِدِ وَلَا يُدْعَى إِلاَّ إِيَّاهُ، فَمَنْ عَبَدَ غَيْرَهُ فَهُوَ الْمُشْرِكُ الْكَفُورُ، بِنَصِّ القُرْآنِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَى الْعَالَمِينَ، فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَلاَ رَسُولٌ أَمَّا بَعْدُ:

فَقَدْ بَلَغَنَا وَسَمِعْنَا مِنْ فَرِيقٍ مِمَّنْ يَدَّعِي الْعِلْمَ وَالدِّينَ وَمِمَّنْ هُوَ بِزَعْمِهِ مُؤْتَمٌّ بِالشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَنَّ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ وَعَبَدَ الْأَوْثَانَ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ بِعَيْنِهِ وَذٰلِكَ أَنَّ بَعْضَ مَنْ شَافَهَنِي مِنْهُمْ بِذٰلِكَ سَمِعَ مِنْ بَعْضِ الْإِخْوَانِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الشِّرْكَ وَالكُفْرَ عَلَى رَجُلٍ دَعَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَغَاثَ بِهِ فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ لاَ تُطْلِقْ عَلَيْهِ الْكُفْرَ حَتَّى تُعَرِّفَهُ وَكَانَ هٰذَا وَأَجْنَاسُهُ لاَ يَعْبَأُونَ بِمُخَالَطَةِ الْمُشْرِكِينَ فيِ الْأَسْفَارِ وَفيِ دِيَارِهِمْ بَلْ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ عَلَى مَنْ هُوَ أَكْفَرُ النَّاسِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ [وَهُوَ أَيْضًا مِنَ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ عُلَمَاءِ مَكَّةَ]، وَكَانُوا  قَدْ لَفَّقُوا لَهُمْ شُبُهَاتٍ عَلَى دَعْوَاهُمْ يَأْتِي بَعْضُهَا فيِ أَثْنَاءِ الرِّسَالَةِ - إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى - وَقَدْ غَرُّوا بِهَا بَعْضَ الرِّعَاعِ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ وَمَنْ لَا مَعْرِفَةَ عِنْدَهُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ حَالَهُمْ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ وَلَا فَهْمَ مُتَحَيِّزُونَ عَنِ الْإِخْوَانِ بِأَجْسَامِهِمْ وَعَنِ الْمَشَايِخِ بِقُلُوبِهِمْ وَمُدَاهِنُونَ لَهُمْ، وَقَدِ اسْتَوْحَشُوا وَاسْتُوحِشَ مِنْهُمْ بِمَا أَظْهَرُوهُ مِنَ الشُّبَهِ وَبِمَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكَآبَةِ بِمُخَالَطَةِ الْفَسَقَةِ وَالْمُشْرِكِينَ، وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ لَا يُكَفِّرُونَ الْمُشْرِكَ إِلَّا بِالْعُمُومِ وَفِيمَا بَيْنَهُمْ يَتَوَرَّعُونَ عَنْ ذٰلِكَ، ثُمَّ دَبَّتْ بِدْعَتُهُمْ وَشُبْهَتُهُمْ حَتَّى رَاجَتْ عَلَى مَنْ هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْإِخْوَانِ وَذٰلِكَ وَاللهُ أَعْلَمُ بِسَبَبِ تَرْكِ كُتُبِ الْأُصُولِ وَعَدَمِ الاِعْتِنَاءِ بِهَا وَعَدَمِ الْخَوْفِ مِنَ الزَّيْغِ.

رَغِبُوا عَنْ رَسَائِلِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ - قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ - وَرَسَائِلِ بَنِيهِ فَإِنَّهَا كَفِيلَةٌ بِتَبْيِينِ جَمِيعِ هٰذِهِ الشُّبَهِ جِدًّا كَمَا سَيَمُرُّ وَمَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٌ إِذَا رَأَى حَالَ النَّاسِ الْيَوْمَ وَنَظَرَ  إِلَى اعْتِقَادِ الْمَشَايِخِ الْمَذْكُورِينَ تَحَيَّرَ جِدًّا وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ وَذٰلِكَ أَنَّ بَعْضَ مَنْ أَشَرْنَا إِلَيْهِ بَحَثْتُهُ عَنْ هٰذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ نَقُولُ لِأَهْلِ هٰذِهِ الْقِبَابِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَهَا وَمَنْ فِيهَا فِعْلُكَ هٰذَا شِرْكٌ وَلَيْسَ هُوَ بِمُشْرِكٍ، فَانْظُرْ تَرَى وَاحْمَدْ رَبَّكَ وَاسْأَلْهُ الْعَافِيَةَ، فَإِنَّ هٰذَا الْجَوَابَ مِنْ بَعْضِ أَجْوِبَةِ الْعِرَاقِيِّ الَّتِي يَرُدُّ عَلَيْهَا الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّطِيفِ وَذَكَرَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ هٰذَا أَنَّهُ سَأَلَهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ عَنْ ذٰلِكَ وَعَنْ مُسْتَدَلِّهِمْ فَقَالَ نُكَفِّرُ النَّوْعَ وَلَا نُعَيِّنُ الشَّخْصَ إِلاَّ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَمُسْتَنَدُنَا مَا رَأَيْنَاهُ فِي بَعْضِ رَسَائِلِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ - قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ - عَلَى أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ تَكْفِيرِ مَنْ عَبَدَ قُبَّةَ الْكَلْوَازِ وَعَبْدَ الْقَادِرِ مِنَ الْجُهَّالِ لِعَدَمِ مَنْ يُنَبِّهُ، فَانْظُرْ تَرَى الْعَجَبَ ثُمَّ اسْأَلِ اللهَ الْعَافِيَةَ وَأَنْ يُعَافيِكَ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ، وَمَا أَشْبَهَهُمْ بِالْحِكَايَةِ الْمَشْهُوْرَةِ عَنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ - رَحِمَهُ اللهُ - أَنَّهُ ذَاتَ يَوْمٍ يُقَرِّرُ عَلَى أَصْلِ الدِّينِ وَيُبَيِّنُ مَا فِيهِ وَرَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ لَا يَسْأَلُ وَلَا يَتَعَجَّبُ وَلَا يَبْحَثُ حَتَّى جَاءَ بَعْضُ الْكَلِمَاتِ الَّتِي فِيهَا مَا فِيهَا فَقَالَ الرَّجُلُ مَا هٰذِهِ كَيْفَ ذٰلِكَ؟ فَقَالَ الشَّيْخُ: قَاتَلَكَ اللهُ ذَهَبَ حَدِيثُنَا مُنْذُ الْيَوْمِ لَمْ تَفْهَمْ وَلَمْ تَسْأَلْ عنْهُ فَلَمَّا جَاءَتْ هٰذِهِ السَّقْطَةُ عَرَفْتَهَا، أَنْتَ مِثْلُ الذُّبَابِ لَا يَقَعُ إِلاَّ عَلَى الْقَذْرِ أَوْ كَمَا قَالَ.

وَنَحْنُ نَقُولُ الْحَمْدُ لِلّٰهِ وَلَهُ الثَّنَاءُ وَنَسْأَلُهُ الْمَعُونَةَ وَالسَّدَادَ وَلَا نَقُولُ إِلاَّ كَمَا قَالَ مَشَايِخُنَا، اَلشَّيْخُ مُحَمَّدُ فِي إِفَادَةِ الْمُسْتَفِيدِ وَحَفِيدُهُ فِي رَدِّهِ عَلَى الْعِرَاقِيِّ وَكَذٰلِكَ هُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ الدِّينِ قَبْلَهُمْ وَمِمَّا هُوَ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي مَسَائِلَ أُصُولِ الدِّينِ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَلَيْسَ الْمَرْجِعُ إِلَى عَالِمٍ بِعَيْنِهِ فِي ذٰلِكَ فَمَنْ تَقَرَّرَ عِنْدَهُ هٰذَا الْأَصْلُ تَقْرِيرًا لَا يَدْفَعُهُ شُبْهَةٌ وَأَخَذَ بِشَرَاشَيِرِ قَلْبِهِ هَانَ عَلَيْهِ مَا قَدْ يَرَاهُ مِنَ الْكَلَامِ الْمُشْتَبِهِ فِي بَعْضِ مُصَنَّفَاتِ أَئِمَّتِهِ إِذْ لَا مَعْصُومَ إِلاَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَمَسْأَلَتُنَا هٰذِهِ وَهِيَ عِبَادَةُ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، وَأَنَّ مَنْ عَبَدَ مَعَ اللهِ غَيْرَهُ فَقَدْ أَشْرَكَ الشِّرْكَ الْأَكْبَرَ الَّذِي يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ هِيَ أَصْلُ الْأُصُولِ وَبِهَا أَرْسَلَ اللهُ الرُّسُلَ وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ وَقَامَتْ عَلَى النَّاسِ الْحُجَّةُ بِالرَّسُولِ وَبِالْقُرْآنِ وَهٰكَذَا تَجِدُ الْجَوَابَ مِنْ أَئِمَّةِ الدِّينِ فِي ذٰلِكَ الْأَصْلِ عِنْدَ تَكْفِيرِ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ؛ وَإِلَّا قُتِلَ لَا يَذْكُرُونَ التَّعْرِيفَ فِي مَسَائِلَ الْأُصُولِ إِنَّمَا  يَذْكُرُونَ التَّعْرِيفَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَفِيَّةِ الَّتِي قَدْ يَخْفَى دَلِيلُهَا عَلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ كَمَسَائِلَ نَازَعَ بِهَا بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ كَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ أَوْ فِي مَسْأَلَةٍ خَفِيَّةٍ كَالصَّرْفِ وَالْعَطْفِ وَكَيْفَ يُعَرِّفُونَ عُبَّادَ الْقُبُورِ وَهُمْ لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي مُسَمَّى الْإِسْلَامِ وَهَلْ يَبْقَى مَعَ الشِّرْكِ عَمَلٌ وَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ:

﴿وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾،

﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ﴾،

﴿إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾،

﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾

إِلَى غَيْرِ ذٰلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَلٰكِنَّ هٰذَا الْمُعْتَقَدَ يَلْزَمُ مِنْهُ مُعْتَقَدٌ قَبِيحٌ وَهُوَ أَنَّ الْحُجَّةَ لَمْ تَقُمْ عَلَى هٰذِهِ الْأُمَّةِ بِالرَّسُولِ وَالقُرْآنِ نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ سُوءِ الْفَهْمِ الَّذِي أَوْجَبَ لَهُمْ نِسْيَانَ الْكِتَابِ وَالرَّسُولِ بَلْ أَهْلُ الْفَتْرَةِ الَّذِيْنَ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الرِّسَالَةُ وَالقُرْآنُ وَمَاتُوا عَلَى الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُسَمَّوْنَ مُسْلِمِينَ بِالْإِجْمَاعِ وَلاَ يُسْتَغْفَرُ لَهُمْ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَعْذِيبِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَهٰذِهِ الشُّبْهَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا قَدْ وَقَعَ مِثْلُهَا أَوْ دُونَهَا لِأُنَاسٍ فِي زَمَنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ رَحِمَهُ اللهُ وَلٰكِنْ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ يَرَاهَا شُبْهَةً وَيَطْلُبُ كَشْفَهَا، وَأَمَّا مَنْ ذَكَرْنَا فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَهَا أَصْلًا وَيَحْكُمُونَ عَلَى عَامَّةِ الْمُشْرِكِينَ بِالتَّعْرِيفِ وَيُجَهِّلُونَ مَنْ خَالَفَهُمْ فَلَا يُوَفِّقُونَ لِلصَّوَابِ لِأَنَّ لَهُمْ فِي ذٰلِكَ هَوًى وَهُوَ مُخَالَطَةُ الْمُشْرِكِينَ،

﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾،

اللهُ أَكْبَرُ مَا أَكْثَرَ الْمُنْحَرِفِينَ

﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.

وَنَحْنُ ذَكَرْنَا هٰذِهِ الْمُقَدِّمَةَ لِتَكُونَ أَدْعَى لِفَهْمِ مَا سَيَأْتيِ مِنَ الْحُجَجِ عَلَى هٰذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيل رَحِمَهُ اللهُ: «إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ، وَلَا ‌ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ ‌أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ.»
İbnu Akîl Rahimehullâh dedi ki: "Zamane insanlarda İslam'ın yerini bilmek istersen, camilerin kapısındaki izdihamlarına ve mevkıfte Lebbeyk diye bağırtılarına bakma! Yalnızca onların şeriat düşmanlarıyla uzlaşmalarına bak!" (İbnu Muflih, el-Âdâb'uş Şerîa, 1/237)

Tevhîd Müdafaası


رِسَالَةٌ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي هٰذِهِ الْمَسْأَلَةِ

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ - قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ - فِي الرِّسَالَةِ الَّتِي كَتَبَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ صَاحِبِ الْأَحْسَاءِ أَحَدِ الصُّلَحَاءِ أَوَّلاً وَقَبْلَ أَنْ يُفتَتَنَ، فَنَذْكُرُ مِنْهَا شَيْئًا لِمُشَابَهَةِ مَنْ رَدَدْنَا عَلَيْهِ كَصَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَهٰذَا نَصُّهَا: "مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أَمَّا بَعْدُ [فَقَدْ] وَصَلَ مَكْتُوبُكَ تُقَرِّرُ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي ذَكَرْتَ وَتَذْكُرُ أَنَّ عَلَيْكَ إِشْكَالٌ تَطْلُبُ إِزَالَتَهُ ثُمَّ وَرَدَ مِنْكَ رِسَالَةٌ تَذْكُرُ أَنَّكَ عَثَرْتَ عَلَى كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَزَالَ عَنْكَ الْإِشْكَالَ فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَكَ لِدِينِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَدُلُّ كَلَامُهُ؟ عَلَى أَنَّ مَنْ عَبَدَ الْأَوْثَانَ عِبَادَةَ اللَّاتِ وَالْعُزَّى وَسَبَّ دِينَ الرَّسُولِ بَعْدَ مَا شَهِدَ بِهِ مِثْلَ سَبِّ أَبِي جَهْلٍ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بِعَيْنِهِ؟ بَلِ الْعِبَارَةُ صَرِيحَةٌ وَاضِحَةٌ فِي تَكْفِيرِ مِثْلِ ابْنِ فَيْرُوزٍ وَصَالِح بْنِ عَبْدِ اللهِ وَأَمْثَالِهِمَا كُفْرًا ظَاهِرًا يَنْقُلُ عَنِ الْمِلَّةِ فَضْلاً عَنْ غَيْرِهِمَا، هٰذَا صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ [الَّذِي ذَكَرْتَ] وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ الَّذِي ذَكَرْتَ أَنَّهُ أَزَالَ عَنْكَ الْإِشْكَالَ فِي كُفْرِ مَنْ عَبَدَ الْوَثَنَ الَّذِي عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ وَدَعَاهُمْ فِي الشَّدَائِدِ وَالرَّخَاءِ وَسَبَّ دِينَ الرَّسُولِ بَعْدَمَا أَقَرَّ وَشَهِدَ بِهِ وَدَانَ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِهَا وَلَيْسَ فِي كَلَامِي هٰذَا مُجَازَفَةٌ بَلْ أَنْتَ تَشْهَدُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَلٰكِنْ إِذَا أَعْمَى  اللهُ الْقَلْبَ فَلَا حِيلَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا أَخَافُ عَلَيْكَ مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

﴿ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ﴾.

وَالشُّبْهَةُ الَّتِي دَخَلَتْ عَلَيْكَ مِنْ أَجْلِ هٰذِهِ الْبُضِيِّعَةِ الَّتِي فِي يَدِكَ تَخَافُ أَنْ تُضِيعَ أَنْتَ وَعِيَالُكَ إِذَا تَرَكْتَ بَلَدَ الْمُشْرِكِينَ وَشَاكٌّ فِي رِزْقِ اللهِ، وَأَيْضًا قُرَنَاءُ السُّوءِ [أَضَلُّوْكَ كَمَا هِيَ عَادَتُهُمْ] وَأَنْتَ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ تَنْزِلُ دَرَجَةً [دَرَجَةً] أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي الشَّكِّ وَبَلَدِ الشِّرْكِ وَمُوَالَاتِهِمْ وَالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ. اِنْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ فِي تَكْفِيرِ هٰؤُلَاءِ الْعُلَمَاءِ وَفِي كُفْرِ مَنْ عَبَدَ الْوَثَنَ الَّذِي عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ وَأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ وَفِي حِكَايَتِهِ عَنْ صَاحِبِ الرِّسَالَةِ وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِآيَةِ الْمُنَافِقِـ[ـينَ] وَأَنَّ هٰذَا حُكْمٌ عَامٌ وَكَذٰلِكَ تَأَمَّلِ الْيَوْمَ حَالَ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَنْتَسِبُ إِلَى الدِّينِ وَالْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ يَذْهَبُ إِلَى بِلَاِد الْمُشْرِكِينَ وَيُقِيمُ عِنْدَهُمْ مُدَّةً يَطْلُبُ الْعِلْمَ مِنْهُمْ وَيُجَالِسُهُمْ، ثُمَّ إِذَا قَدِمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ وَتُبْ إِلَى رَبِّكَ مِنْ ذٰلِكَ اسْتَهْزَأَ بِمَنْ يَقُولُ لَهُ ذٰلِكَ وَيَقُولُ أَتُوبُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ؟ ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْ أَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مَا يُنْبِئُ عَنْ سُوءِ مُعْتَقَدِهِ وَزَيْفِهِ وَلَا عَجَبَ مِنْ ذٰلِكَ لِأَنَّهُ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ بِمُخَالَطَةِ الْمُشْرِكِينَ فَعُوقِبَ، وَلٰكِنَّ الْعَجَبَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالتَّوْحِيدِ لِانْبِسَاطِهِمْ مَعَ هٰذَا الْجِنْسِ الَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَقْرِنُوا بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُوَحِّدِينَ وَقَدْ فَرَّقَ اللهُ بَيْنَهُمْ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ [مُحَمَّدٍ] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمْ.

ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي تِلْكَ الرِّسَالَةِ بَعْدَمَا ذَكَرَ كَثْرَةَ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَالَّذِينَ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَكَمُوا عَلَيْهِمْ بِالرِّدَّةِ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ وَكَأَصْحَابِ عَلِيٍّ وَأَهْلِ الْمَسْجِدِ الَّذِينَ بِالْكُوفَة وَبَنُو عُبَيْدِ الْقَدَّاحِ كُلُّ هٰؤُلَاءِ حَكَمُوا عَلَيْهِمْ بِالرِّدَّةِ بِأَعْيَانِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ الَّتِي لَبَّسُوا بِهَا عَلَيْكَ فَهِيَ أَغْلَظُ مِنْ هٰذَا كُلِّهِ وَلَوْ نَقُولُ بِهَا لَكَفَّرْنَا كَثِيرًا مِنَ الْمَشَاهِيرِ بِأَعْيَانِهِمْ ، فإِنَّهُ صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُكَفَّرُ إِلَّا إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَإِذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ يُكَفَّرُ إِذَا قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيَامَهَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يَفْهَمَ كَلَامَ اللهِ وَرَسُولِهِ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَلْ إِذَا بَلَغَهُ كَلَامُ اللهِ وَرَسُولِهِ وَخَلَا عَنْ مَا يُعْذَرُ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ كَمَا كَانَ الْكُفَّارُ كُلَّهُمْ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ بِالْقُرْآنِ مَعَ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:

﴿إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ﴾، وَقَوْلِهِ:

﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾

وَإِذَا كَانَ كَلَامُ الشَّيْخِ لَيْسَ فِي الرِّدَّةِ وَالشِّرْكِ بَلْ فِي الْمَسَائِلِ الْجُزْئِيَّاتِ.

ثُمَّ قَالَ: يُوَضِّحُ ذٰلِكَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ إِذَا أَظْهَرُوا نِفَاقَهُمْ صَارُوا مُرْتَدِّينَ، فَأَيْنَ نِسْبَتُكَ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ أَحَدًا بِعَيْنِهِ، وَقَالَ أَيْضًا فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ وَمَنْ شَاكَلَهُمْ لَمَّا ذَكَرَ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ وَالْكُفْرِ.

قَالَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَهٰذَا إِذَا كَانَ فِي الْمَقَالَاتِ الْخَفِيَّةِ فَقَدْ يُقَالُ إِنَّهُ مُخْطِئٌ ضَالٌّ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يُكَفَّرُ تَارِكُهَا، لٰكِنْ يَقَعُ فِي طَوَائِفٍ مِنْهُمْ فِي هٰذِهِ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يَعْلَمُ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِهَا وَكَفَّرَ مَنْ خَالَفَهَا، مِثْلَ أَمْرِهِ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَهْيِهِ عَنْ عِبَادَةِ أَحَدٍ سِوَاهُ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ هٰذَا أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ تَجِدُ كَثِيرًا مِنْ رُؤَسَاءِهِمْ وَقَعُوا فِي هٰذِهِ الْأَنْوَاعِ فَكَانُوا مُرْتَدِّينَ وَكَثِيرٌ تَارَةً يَرْتَدُّ عَنِ الْإِسْلَامِ رِدَّةً صَرِيحَةً إِلَى أَنْ قَالَ: وَأَبْلَغُ مِنْ ذٰلِكَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ صَنَّفَ فِي الرِّدَّةِ كَمَا صَنَّفَ الرَّازِيُّ فِي عِبَادَةِ الْكَوَاكِبِ، وَهٰذِهِ رِدَّةٌ عَنِ الْإِسْلَامِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، هٰذَا لَفْظُهُ بِحُرُوفِهِ فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَقَالَاتِ الْخَفِيَّةِ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ فِي كُفْرِ الْمُعَيَّنِ وَتَأَمَّلْ تَكْفِيرَهُ رُؤَسَائَهُمْ فُلَانًا وَفُلَانًا بِأَعْيَانِهِمْ وَرِدَّتَهُمْ رِدَّةً صَرِيحَةً، وَتَأَمَّلْ تَصْرِيحَهُ بِحكَايَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَى رِدَّةِ الْفَخْرِ الرَّازِيِّ عَنِ الْإِسْلَامِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَكَابِرِ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ، هَلْ يُنَاسَبُ هٰذَا مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُعَيَّنَ لَا يُكَفَّرُ وَلَوْ دَعَا عَبْدَ الْقَادِرِ فِي الرَّخَاءِ وَالشِّدَّةِ وَلَوْ أَحَبَّ عَبْدَ اللهِ بْنِ عَوْفٍ وَزَعَمَ أَنَّ دِينَهُ حَسَنٌ مَعَ عِبَادَتِهِ لِأَبِي حَدِيدَةٍ؟

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَيْضًا: بَلْ كُلُّ شِرْكٍ فِي الْعَالَمِ إِنَّمَا حَدَثَ عَنْ رَأْيِ بَنِي جِنْسِهِمْ، فَهُمُ الْآمِرُونَ بِالشِّرْكِ الْفَاعِلُونَ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَأْمُرْ مِنْهُمْ بِالشِّرْكِ فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ بَلْ يُقِرُّ هٰؤُلَاءِ وَهٰؤُلَاءِ وَإِنْ رَجَّحَ الْمُوَحِّدِينَ تَرْجِيحًا مَا فَقَدْ رَجَّحَ غَيْرَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ يُعْرِضُ عَنِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، فَتَدَبَّرْ هٰذَا فَإِنَّهُ نَافِعٌ جِدًّا.

وَكَذٰلِكَ الَّذِينَ كَانُوا فِي مِلَّةِ الْإِسْلَامِ لَا يَنْهَوْنَ عَنِ الشِّرْكِ وَيُوجِبُونَ التَّوْحِيدَ بَلْ يُسَوِّغُونَ الشِّرْكَ وَيَأْمُرُونَ بِهِ وَهُمْ إِذَا ادَّعُوا التَّوْحِيدَ فَإِنَّمَا تَوْحِيدُهُمْ بِالْقَوْلِ لَا بِالْفِعْلِ. اِنْتَهَى كَلَامُهُ رَحِمَهُ اللهُ.

فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ وَأَعْرِضْهُ عَلَى مَا غَرَّكَ بِهِ الشَّيْطَانُ مِنَ الْفَهْمِ الْفَاسِدِ الَّذِي كَذَّبْتَ بِهِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَإِجْمَاعَ الْأُمَّةِ وَتَحَيَّزْتَ بِهِ إِلَى عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ، فَإِنْ فَهِمْتَ هٰذَا وَإِلَّا أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنَّكَ تُكْثِرُ مِنَ التَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ إِلَى مَنِ الْهِدَايَةُ بِيَدِهِ فَإِنَّ الْخَطْرَ عَظِيمٌ، فَإِنَّ الْخُلُودَ فِي النَّارِ جَزَاءُ الرِّدَّةِ الصَّرِيحَةِ مَا يُسَاوِي بُضِيِّعَةً تُرْبِحُ تُومَانَ أَوْ نِصْفَ تُومَانَ وَعِنْدَنَا أُنَاسٌ يَجِؤُنَ بِعِيَالِهِمِ وَلَا شَحَذُوا وَقَدْ قَالَ اللهُ فِي هٰذِهِ الْمَسْأَلَةِ:

﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾،

﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾

اِنْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ مِنَ الرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَةِ بِحُرُوفِهِ مَعَ بَعْضِ الاِخْتِصَارِ فَرَاجِعْهَا مِنَ التَّارِيخِ فَإِنَّهَا نَافِعَةٌ جِدًّا.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْحُجَّةَ قَامَتْ بِالرَّسُولِ وَالْقُرْآنِ فُكُلُّ مَنْ سَمِعَ بِالرَّسُولِ وَبَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَقَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَهٰذَا ظَاهِرٌ فِي كَلاَمِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ قَوْلِهِ فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِيَامَهَا لَيْسَ أَنْ يُفْهَمَ كَلَامَ اللهِ وَرَسُولِهِ مِثْلَ فَهْمِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بَلْ إِذَا بَلَغَهُ كَلَامُ اللهِ وَرَسُولِهِ وَخَلَى عَنْ شَيْءٍ يُعْذَرُ بِهِ فَهُوَ كَافِرٌ كَمَا كَانَ الْكُفَّارُ كُلُّهُمْ تَقُومُ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ بِالْقُرْآنِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى:

﴿إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾

فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ وَأَحْضِرْ فِكْرَكَ وَاسْأَلِ اللهَ الْهِدَايَةَ.

وَهٰذِهِ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ يَذْكُرُ فِيهَا أَنَّ الْحُجَّةَ قَامَتْ بِالْقُرْآنِ عَلَى كُلِّ مَنْ بَلَغَهُ وَسَمِعَهُ وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَهٰذَا وَلِلّٰهِ الْحَمْدُ يُؤْمِنُ بِهِ كُلُّ مُسْلِمٍ سَمِعَ الْقُرْآنَ، وَلٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ اجْتَالَتْ أَكْثَرَ النَّاسِ عَنْ فِطْرَةِ اللهِ [تَعَالَى] الَّتِي فَطَرَ عِبَادَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَأَمَّلْ كَلَامَ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ وَهَلْ قَالَ لَا يُكَفَّرُونَ حَتَّى يُعَرَّفُوا أَوْ لَا يُسَمَّوْنَ مُشْرِكِينَ؟ بَلْ فِعْلُهُمْ شِرْكٌ كَمَا قَالَ مَنْ أَشَرْنَا إِلَيْهِ.

ثُمَّ تَأَمَّلْ حِكَايَةَ الشَّيْخِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمُتَكَلِّمِينَ وَمَنْ شَاكَلَهُمْ، وَهٰذَا إِذَا كَانَ فِي الْمَقَالَاتِ الْخَفِيَّةِ فَقَدْ يُقَالُ أَنَّهُ مُخْطِئٌ ضَالٌّ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يُكَفَّرُ تَارِكُهَا حَتَى يُعَرَّفَ، لٰكِنْ يَكُونُ ذٰلِكَ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا بُعِثَ بِهَا وَكَفَّرَ مَنْ خَالَفَهَا مِثْلَ أَمْرِهِ بِعِبَادَةِ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَهْيِهِ عَنْ عِبَادَةِ أَحَدٍ سِوَاهُ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالْمَلَائِكَةِ، ثُمَّ تَجِدُ كَثِيرًا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَقَعُوا فِي هٰذَا الْأَنْوَاعِ فَكَانُوا مُرْتَدِّينَ، إِلَى أَنْ قَالَ الشَّيْخُ: فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَقَالَاتِ الْخَفِيَّةِ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ فِي كُفْرِ الْمُعَيَّنِ وَتَأَمَّلْ تَكْفِيرَهُ رُؤَسَائَهُمْ فَقِفْ وَتَأَمَّلْ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ وَهٰذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي رَدِّ هٰذِهِ الشُّبْهَةِ وَقَدْ جَعَلَهَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ مِنَ الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ حَتَّى الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ ذٰلِكَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَمَنْ وَصَفْنَا لَكَ عَمِيَ عَنْ ذٰلِكَ وَلَعَلَّهُ يَقْرَأُهَا وَيُقَرِّرُهَا وَلٰكِن حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَنْزِيلِهَا عَلَى الْوَاقِعِ مِنَ النَّاسِ وَهٰذَا لَهُ أَسْبَابٌ مِنْهَا عَدَمُ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ مِنَ الزَّيْغِ وَالاِنْقِلَابِ وَقَدْ خَافَ السَّلَفُ مِنْ ذٰلِكَ، وَقَدْ يَكُونُ لِلْإِنْسَانِ هَوًى يَمْنَعُهُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَاسْتِخْرَاجِهِ مِنَ النُّصُوصِ كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ الَّتِي ذَكَرَ صَاحِبُ التَّارِيخِ أَنَّهُ قَالَ: وَمِنْ ذٰلِكَ أَنْ تُقَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي أَصْلِ الدِّينِ سَنَةً كَامِلَةً عَلَى بَعْضِ الطَّلَبَةِ فَيَعْرِفُهَا وَيَتَصَّوَرَهَا ثُمَّ إِذَا وَقَعَتْ لَا يَفْهَمُهَا، قِفْ وَتَأَمَّلْ

وَمِنْ ذٰلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْوَشْمِ قَرَّرَ التَّوْحِيدَ فِي بَعْضِ مُرَاسَلَتِهِ لِلشَّيْخِ مُحَمَّدِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَصَابَ أَمْ لَا، فَقَالَ لَهُ: تَقْرِيرُكَ التَّوْحِيدَ حَقٌّ وَقَدَ أَصَبْتَ لٰكِنَّ الشَّأْنَ فِي الْعَمَلِ بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ، فَإِنَّكَ لَمَّا قَدِمَ بَلَدَكُمْ بَعْضُ رَسَائِلِ أَعْدَاءِ الدِّينِ فِي سَبِّ الدِّينِ وَأَهْلِهِ مَشَيْتَ مَعَهُمْ وَلَمْ تُنَابِذْهُمْ وَلَمْ تُفَارِقْهُمْ أَوْ كَمَا قَالَ فَتَأَمَّلْ ذٰلِكَ فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ، تَأَمَّلْ كَلَامَ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللهُ فِي تَنْزِيلِهِ عَلَى صَاحِبِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ وَإِنْ تَحَيَّزُوا إِلَى عِبَادَةِ الطَّاغُوتِ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ. وَمِنْ أَعْظَمِ مَا حَكَى عَنْهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي تَكْفِيرِ الْمُعَيَّنِ وَأَنَّ الَّذِي مَنَعَهُ مِنَ الْهِجْرَةِ بِأَهْلِهِ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْبَضَائِعِ وَخَوْفُ الْفَقْرِ، ثُمَّ انْظُرْ حَالَ مَنْ ذَكَرْنَا وَمَنْ شَاكَلَهُمْ فِي رِحْلَتِهِمِ لِلْمُشْرِكِينَ وَقِرَاءَتِهِمِ عَلَيْهِمْ وَطَلَبِ الْعِلْمِ بِزَعْمِهِمِ مِنْهُمْ هٰذَا أَقَرُّوا بِهِ وَهُوَ مِمَّا عُلِمَ مِنْهُمْ وَإِلَّا فَهُمْ يُتَّهَمُونَ بِمُوَالَاتِهِمْ وَالرُّكُونِ إِلَيْهِمْ.

وَمِنَ الْمَصَائِبِ أَنَّهُ إِذَا قَدِمَ هٰذَا الْجِنْسُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عَامَلُوهُمْ بِمِثْلِ مُعَامَلَتِهِمْ قَبْلَ الذَّهَابِ لِلْمُشْرِكِينَ مِنَ الْإِكْرَامِ وَالتَّحِيَّةِ، وَقَدْ يَظْهَرُ مِنْهُمْ حِكَايَةٌ وَثَنَاءٌ عَلَى بِلَادِ الْمُشْرِكِينَ وَاسْتِهْجَانُ الْمُسْلِمِينَ وَبِلَادَهُمْ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ إِلَّا مِنْ سُوءِ طَوِيَّةٍ وَيَبْقَوْنَ عَلَى ذٰلِكَ دَائِمًا، وَقَلِيلٌ مَنْ يَسْتَنْكِرُ ذٰلِكَ مِنْهُمْ. وَأَمَّا كَوْنُ أَحَدٍ يَخَافُ عَلَيْهِمُ الرِّدَّةَ وَالزَّيْغَ بِسَبَبِ أَفْعَالِهِمْ فَلَا أَظُنُّ ذٰلِكَ [يَخْطُرُ] بِبَالِ أَحَدٍ، فَكَأَنَّ هٰذِهِ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي يُحْكَمُ بِهَا عَلَى مَنْ صَدَرَ مِنْهُ مَا يُنَافِيهَا.
قَالَ ابْنُ عَقِيل رَحِمَهُ اللهُ: «إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ، وَلَا ‌ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ ‌أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ.»
İbnu Akîl Rahimehullâh dedi ki: "Zamane insanlarda İslam'ın yerini bilmek istersen, camilerin kapısındaki izdihamlarına ve mevkıfte Lebbeyk diye bağırtılarına bakma! Yalnızca onların şeriat düşmanlarıyla uzlaşmalarına bak!" (İbnu Muflih, el-Âdâb'uş Şerîa, 1/237)

Tevhîd Müdafaası


حُكْمُ مَنْ جَحَدَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ

كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ قَبْلَهُ فِي أُنَاسٍ كَانُوا فَبَانُوا كَمَا ذَكَرَ دَاعِيَةُ أُولٰئِكَ الْمَشَاهِيرِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ، فَانْظُرْ حَالَكَ وَتَفَكَّرْ فِيمَا تَعْتَقِدُهُ فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظْيمَةٍ وَإِلَّا فَلَا عَجَبَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَسْأَلَتِنَا مَا كَتَبَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إِلَى عِيسَى بْنِ قَاسِمٍ وَأَحْمَدَ بْنِ سُوَيْلِمٍ لَمَّا سَأَلَاهُ عَنْ قَوْلِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ تَقِيِّ الدِّينِ قَدَّسَ اللهُ رُوحَهُ مَنْ جَحَدَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ فَهُوَ كَافِرٌ، فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: إِلَى الْأَخَوَيْنِ عِيسَى بْنِ قَاسِم وَأَحْمَدَ بْنِ سُوَيْلِمٍ:

سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعْدُ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ كُلُّ مَنْ جَحَدَ كَذَا وَكَذَا وَأَنَّكُمْ تَسْأَلُونَ عَنْ [شَاكُّونَ فِي] هٰؤُلَاءِ الطَّوَاغِيتِ وَأَتْبَاعِهِمْ هَلْ قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ أَمْ لَا، فَهٰذَا مِنَ الْعَجَبِ الْعُجَابِ، كَيْفَ تَشُكُّونَ فِي هٰذَا وَقَدْ وَضَّحْتُـ[ـهُ] لَكُمْ مِرَارًا أَنَّ الَّذِي لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ هُوَ الَّذِي حَدِيثُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوِ الَّذِي نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ يَكُونُ ذٰلِكَ فِي مَسَائِلَ خَفِيَّةٍ مِثْلَ الصَّرْفِ وَالْعَطْفِ فَلَا يُكَفَّرُ حَتَّى يُعَرَّفَ، وَأَمَّا أُصُولُ الدِّينِ الَّتِي وَضَّحَهَا اللهُ فِي كِتَابِهِ فَإِنَّ حُجَّةَ اللهِ هِيَ الْقُرْآنُ، فَمَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَقَدْ بَلَغَتْهُ الْحُجَّةُ وَلٰكِنَّ أَصْلَ الْإِشْكَالِ أَنَّكُمْ لَمْ تُفَرِّقُوا بَيْنَ قِيَامِ الْحُجَّةِ وَفَهْمِ الْحُجَّةِ فَإِنَّ أَكْثَرَ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ لَمْ يَفْهَمُوا حُجَّةَ اللهِ مَعَ قِيَامِهَا عَلَيْهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى:

﴿أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾.

وَقِيَامُ الْحُجَّةِ وَبُلُوغُهَا نَوْعٌ وَفَهْمُهُمْ إِيَّاهَا نَوْعٌ آخَرُ، فَتَأَمَّلْ كَلَامَ الشَّيْخِ وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَكَ الْفَهْمَ الصَّحِيحَ وَأَنْ يُعَافِيَكَ مِنَ التَّعَصُّبِ. وَتَأَمَّلْ كَلَامَ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَقَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ ذٰلِكَ وَجَعَلَهُ هٰذَا هُوَ السَّبَبُ فِي غَلَطِ مَنْ غَلَطَ وَأَنْ جَعَلَ التَّعْرِيفَ فِي الْمَسَائِلِ الْخَفِيَّةِ. وَمَنْ حَكَيْنَا عَنْهُ جَعَلَ التَّعْرِيفَ فِي أَصْلِ الدِّينِ وَهَلْ بَعْدَ الْقُرْآنِ وَالرَّسُولِ تَعْرِيفٌ؟ ثُمَّ يَقُولُ هٰذَا اعْتِقَادُنَا نَحْنُ وَمَشَايِخُنَا نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدِ الْكَوْرِ. وَهٰذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةٌ جِدًّا فِي مُصَنَّفَاتِ الشَّيْخِ [مُحَمَّدٍ] رَحِمَهُ اللهُ لِأَنَّ عُلَمَاءَ زَمَانِهِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يُنَازِعُونَ فِي تَكْفِيرِ الْمُعَيَّنِ، فَهٰذَا شَرْحُ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ كُلُّهُ فِي تَكْفِيرِ الْمُعَيَّنِ حَتَّى أَنَّهُ نَقَلَ فِيهِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّ مَنْ دَعَا عَلِيًّا فَقَدْ كَفَرَ وَمَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ فَقَدْ كَفَرَ، وَتَدَبَّرْ مَاذَا أَوْدَعَهُ مِنَ الدَّلَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي إِذَا تَدَبَّرَهَا الْعَاقِلُ الْمُنْصِفُ فَضْلاً عَنِ الْمُؤْمِنِ عَرَفَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ وِفَاقِيَّةٌ وَلَا تُشْكِلُ إِلَّا عَلَى مَدْخُولٍ عَلَيْهِ فِي اعْتِقَادِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي شَرْحِ التَّوْحِيدِ فِي مَوَاضِعَ مِنْهُ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَصَلَّى وَزَكَّى وَلٰكِنْ خَالَفَ ذٰلِكَ بِأَفْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ مِنْ دُعَاءِ الصَّالِحِينَ وَالاِسْتِغَاثَةِ بِهِمْ وَالذَّبْحِ لَهُمْ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي تَكَلُّمِهِمْ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَمُخَالَفَتِهَا، فَعَلَى هٰذَا يَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالتَّعْرِيفِ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَقُولَ بِالتَّعْرِيفِ بِالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا يُكَفِّرَهُمْ إِلَّا بَعْدَ التَّعْرِيفِ، وَهٰذَا ظَاهِرٌ بِالاِعْتِبَارِ جِدًّا.
قَالَ ابْنُ عَقِيل رَحِمَهُ اللهُ: «إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ، وَلَا ‌ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ ‌أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ.»
İbnu Akîl Rahimehullâh dedi ki: "Zamane insanlarda İslam'ın yerini bilmek istersen, camilerin kapısındaki izdihamlarına ve mevkıfte Lebbeyk diye bağırtılarına bakma! Yalnızca onların şeriat düşmanlarıyla uzlaşmalarına bak!" (İbnu Muflih, el-Âdâb'uş Şerîa, 1/237)

Tevhîd Müdafaası


كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى هٰذِهِ الْمَسْأَلَةِ

وَأَمَّا كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّطِيفِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمٰنِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَى هٰذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَكَثِيرٌ جِدًّا، فَنَذْكُرُ مِنْ ذٰلِكَ شَيْئًا يَسِيرًا لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ وِفَاقِيَّةٌ وَالْمَقَامُ مَقَامُ اخْتِصَارٍ، فَلْنَذْكُرْ مِنْ كَلَامِهِ مَا يُنَبِّهُكَ عَلَى الشُّبَهِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا مَنْ ذَكَرْنَا فِي الَّذِي يَعْبُدُ قُبَّةَ الْكَوَّازِ وَأَنَّ الشَّيْخَ تَوَقَّفَ فِي تَكْفِيرِهِ، وَنَذْكُرُ أَوَّلاً مَسَاقَ الْجَوَابِ وَمَا الَّذِي سِيَقَ لِأَجْلِهِ وَهُوَ أَنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ رَحِمَهُ اللهُ وَمَنْ حَكَى عَنْهُ هٰذِهِ الْقِصَّةَ يَذْكُرُونَ ذٰلِكَ مَعْذِرَةً لَهُ عَنْ مَا يَدَّعِيهِ خُصُومُهُ عَلَيْهِ مِنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَهِيَ نَفْسُهَا دَعْوَى لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ حُجَّةً بَلْ تَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَشَاهِدٍ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْ فَتَحَ اللهُ بَصِيرَتَهُ وَعُوفِيَ مِنَ التَّعَصُّبِ وَكَانَ مِمَّنِ اعْتَنَى [بِرَسَائِلِ الشَّيْخِ وَمُصَنَّفَاتِهِ عَلِمَ عِلْمًا يَقِينًا أَنَّ الشَّيْخَ] بَيَّنَ هٰذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَيَانًا شَافِيًا وَجَزَمَ بِكُفْرِ الْمُعَيَّنِ فِي جَمِيعِ مُصَنَّفَاتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَلْنَرْجِعْ إِلَى مَسَاقِ الْجَوَابِ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ.

قاَلَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّطِيفِ رَحِمَهُ اللهُ عَلَى قَوْلِ الْعِرَاقِيِّ قَدْ كَفَّرْتُمُ الْحَرَمَيْنِ وَأَهْلَهَا فَذَكَرَ كَلَامَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ إِلَى أَنْ قَالَ: قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِي هٰذَا الْبَابِ وَإِنْ أَخْطَأُوا مِنْ أَحَقِّ الْأَغْرَاضِ الشَّرْعِيَّةِ وَهُوَ إِذَا اجْتَهَدَ فَلَهُ أَجْرَانِ إِنْ أَصَابَ، وإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ اِنْتَهَى كَلَامُ الْعِرَاقِيِّ.

وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: هٰذَا الْكَلَامُ مِنْ جِنْسِ تَحْرِيفِهِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ فِي هٰذَا تَحْرِيفَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَسْقَطَ السُّؤالَ وَفَرَضَهُ فِي التَّكْفِيرِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا نِزَاعٌ وَخِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ، فَإِنَّهُمْ كَفَّرُوا الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلَ السُّنَّةِ بِمُخَالَفَتِهِمْ فِيمَا ابْتَدَعُوهُ وَأَصَّلُوهُ وَوَضَعُوهُ وَانْتَحَلُوا فَأَسْقَطَ هٰذَا خَوْفًا مِنْ أَنْ يُقَالَ دُعَاءُ أَهْلِ الْقُبُورِ وَسُؤَالُهُمْ وَالاِسْتِغَاثَةُ بِهِمْ لَيْسَتْ مِنْ هٰذَا الْبَابِ وَلَمْ يَتَنَازَعْ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ بَلْ هِيَ مُجْمَعٌ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الشِّرْكِ الْمُكَفِّرِ كَمَا حَكَاهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَجَعَلَهَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِي التَّكْفِيرِ بِهَا فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى مَا جَزَمَ هُوَ بِأَنَّهُ كُفْرٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ صَحَّ حَمْلُ هٰذَا الْعِرَاقِّي لَكَانَ قَوْلُهُ قَوْلاً مُخْتَلِفًا وَقَدْ نَزَّهَهُ اللهُ وَصَانَهُ عَنْ هٰذَا، فَكَلَامُهُ مُتَّفِقٌ يَشْهَدُ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ. إِذَا عَرَفْتَ هٰذَا عَرَفْتَ تَحْرِيفَ الْعِرَاقِيِّ فِي إِسْقَاطِهِ بَعْضَ الْكَلَامِ وَحَذْفِهِ، وَأَيْضًا فَالْحَذْفُ لِأَصْلِ الْكَلَامِ يُخْرِجُهُ عَنْ وَجْهِهِ وَإِرَادَةِ الْمَقْصُودِ.

اَلتَّحْرِيفُ الثَّاني: أَنَّ الشَّيْخَ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ: أَصْلُ التَّكْفِيرِ لِلْمُسْلِمِينَ، وَعِبَارَاتُ الشَّيْخِ أَخْرَجَتْ عُبَّادَ الْقُبُورِ مِنْ مُسَمَّى الْمُسْلِمِينَ كَمَا سَنَنْقُلُ مِنْ كَلَامِهِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ فِي مِثْلِ هٰذَا الْكَلَامِ، فَذَكَرَ كَلَامًا فِيمَا أَخْطَأَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي بَعْضِ الْفُرُوعِ إِلَى أَنْ قَالَ: فَمَنِ اعْتَقَدَ فِي بَشَرٍ أَنَّهُ إِلٰهٌ أَوْ دَعَا مَيِّتًا وَطَلَبَ مِنْهُ الرِّزْقَ وَالنَّصْرَ وَالْهِدَايَةَ وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ وَسَجَدَ لَهُ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ اِنْتَهَى.

فَبَطُلَ اسْتِدْلَالُ الْعِرَاقِيِّ وَانْهَدَمَ مِنْ أَصْلِهِ، كَيْفَ يَجْعَلُ النَّهْيَ عَنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِيَن مُتَنَاوِلاً لِمَنْ يَدْعُو الصَّالِحِينَ وَيَسْتَغِيثُ بِهِمْ مَعَ اللهِ وَيَصْرِفُ لَهُمْ مِنَ الْعِبَادَاتِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا اللهُ، وَهٰذَا بَاطِلٌ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْأُمُّةِ.

وَمِنْ عَجِيبِ جَهْلِ الْعِرَاقِيِّ أَنَّهُ يَحْتَجُّ عَلَى خَصْمِهِ بِنَفْسِ الدَّعْوَى وَالدَّعْوَى لَا تَصْلُحُ دَلِيلاً، فَإِنَّ دَعْوَى الْعِرَاقِيِّ لِإِسْلَامِ عُبَّادِ الْقُبُورِ تَحْتَاجُ دَلِيلاً قَاطِعًا عَلَى إِسْلَامِهِمْ فَإِذَا ثَبَتَ إِسْلَامُهُمْ مُنِعَ مِنْ تَكْفِيرِهِمْ وَالتَّفْرِيعُ لَيْسَ مُشْكِلاً وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ كَفَّرَ الْمُسْلِمِينَ لِـ[ـمُخَالَفَةِ رَأْيِهِ وَ]هَوَاهُ كَالْخَوَارِجِ وَالرَّافِضَةِ أَوْ كَفَّرَ مَنْ أَخْطَأَ فِي الْمَسَائِلِ الاِجْتِهَادِيَّةِ أُصُولاً وَفُرُوعًا فَهٰذَا وَنَحْوُهُ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْهُدَى وَمَشَايِخُ الدِّينِ وَمِثْلُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ لَا يُكَفِّرُ أَحَدًا بِهٰذَا الْجِنْسِ وَلَا مِنْ هٰذَا النَّوْعِ وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ مَنْ نَطَقَ بِتَكْفِيرِهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ وَجَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَأَجْمَعَتْ عَلَى تَكْفِيرِهِ الْأُمَّةُ، كَمَنْ بَدَّلَ دِينَهُ وَفَعَلَ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَالْمَلَائِكَةَ وَالصَّالِحِينَ وَيَدْعُونَهُمْ [مَعَ اللهِ]، فَإِنَّ اللهَ كَفَّرَهُمْ وَأَبَاحَ دِمَائَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيهِمْ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ نَبِيًّا أَوْ وَلِيًّا أَوْ صَنَمًا، لَا فَرْقَ فِي الْكُفْرِ بَيْنَهُمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ وَالسُّنَّةُ الْمُسْتَفِيضَةُ، وَبَسْطُ هٰذَا يَأْتِيكَ مُفَصَّلاً وَقَدْ مَرَّ بَعْضُهُ.

وَقَالَ: وَقَدْ سُئِلَ عَنْ مِثْلِ هٰؤُلَاءِ الْجُهَّالِ فَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَتَأَهَّلَ لِمَعْرِفَتِهَا يَكْفُرُ بِعِبَادَةِ الْقُبُورِ، وَأَمَّا مَنْ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَلَا أَدْرِي مَا حَالُهُ، وَقَدْ سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ مَعَ أَنَّ الْعَلَّامَةَ ابْنَ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ جَزَمَ بِكُفْرِ الْمُقَلِّدِينَ لِمَشَايِخِهِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُكَفِّرَةِ إِذَا تَمَكَّنُوا مِنْ طَلَبِ الْحَقِّ وَمَعْرِفَتِهِ وَتَأَهَّلُوا لِذٰلِكَ وَأَعْرَضُوا وَلَمْ يَلْتَفِتُوا، وَمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ وَلَمْ يَتَأَهَّلْ لِمَعْرِفَةِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَهُوَ عِنْدَهُ مِنْ جِنْسِ أَهْلِ الْفَتْرَةِ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ لِرَسُولٍ مِنَ الرُّسُلِ وَكِلَا النَّوْعَيْنِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي مُسَمَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عِنْدَ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ بَعْضَهُمُ وَسَيَأْتِيكَ كَلَامُهُ.

وَأَمَّا الشِّرْكُ فَهُوَ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ وَاسْمُهُ يَتَنَاوَلُهُمْ، وَأَيُّ إِسْلَامٍ يَبْقَى مَعَ مُنَاقِضَةِ أَصْلِهِ وَقَاعِدَتِهِ الْكُبْرَى شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ، وَبَقَاءُ الْإِسْلَامِ وَمُسَمَّاهُ مَعَ بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي بَابِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ أَظْهَرُ مِنْ بَقَائِهِ مَعَ عِبَادَةِ الصَّالِحِينَ وَدُعَائِهِمْ، وَلٰكِنَّ الْعِرَاقِيَّ يَفِرُّ مِنْ أَنْ يُسَمِّيَ ذٰلِكَ عِبَادَةً وَدُعَاءً، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ تَوَسُّلٌ وَنِدَاءٌ، وَيَرَاهُ مُسْتَحَبًّا وَهَيْهَاتَ [هَيْهَاتَ] أَيْنَ الْمَفَرُّ وَالْإِلٰهُ الطَّالِبُ، [قَدْ] حِيلَ بَيْنَ الْعِيرِ وَالنَّزَوَانِ بِمَا مَنَّ اللهُ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ مِنَ الْحِكْمَةِ وَالْهُدَى وَالْبَيَانِ لِحُدُودِ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَا يَزَالُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَغْرِسُ لِهٰذَا الدِّينِ غَرْسًا تَقُومُ بِهِ حُجَّتُهُ عَلَى عِبَادِهِ وَيُجَاهِدُونَ فِي بَيَانِ دِينِهِ وَشَرْعِهِ مَنْ أَلْحَدَ فِي كِتَابِهِ وَدِينِهِ وَصَرَفَهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ.

فَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ رَحِمَهُ اللهُ دُعَاءُ الْقُبُورِ وَسُؤَالُهُمْ وَالاِسْتِغَاثَةُ بِهِمْ لَيْسَتْ مِنْ هٰذَا الْبَابِ وَلَمْ يَتَنَازَعْ فِيهَا الْمُسْلِمُونَ بَلْ هِيَ مُجْمَعٌ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الشِّرْكِ الْمُكَفِّرِ كَمَا حَكَاهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ نَفْسُهُ وَجَعَلَهُ مِمَّا لَا خِلَافَ بِالتَّكْفِيرِ بِهِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى مَا جَزَمَ هُوَ بِأَنَّهُ كُفْرٌ. قُلْتُ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ أَنَّ مَنْ دَعَا عَلِيًّا فَقَدْ كَفَرَ.

ثُمَّ قَالَ: اَلتَّحْرِيفُ الثَّانِيَ الَّذِي قَالَ فِيـ[ـهِ] أَصْلُ التَّكْفِيرِ لِلْمُسْلِمِينَ وَعِبَارَاتُ الشَّيْخِ أَخْرَجَتْ عُبَّادَ الْقُبُورِ مِنْ مُسَمَّى الْمُسْلِمِينَ فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي أَنَّ هٰذَا شَيْءٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَأَنَّ عُبَّادَ الْقُبُورِ لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي مُسَمَّى الْإِسْلَامِ وَأَنَّ هٰذَا هُوَ عَيْنُ كَلَامِ الشَّيْخِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ، إِلَى أَنْ قَالَ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ وَلَمْ يَقُلْ يُعَرَّفُ، وَلَا قَالَ مَا يُكَفَّرُ حَتَّى يُعَرَّفَ كَمَا ظَنَّ ذٰلِكَ مَنْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَمَنْ هُوَ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ دِينِهِ.

ثُمَّ تَأَمَّلْ كَلَامَهُ فِي ردِّهِ عَلَى الْعِرَاقِيِّ بِقَوْلهِ: فَبَطُلَ اسْتِدْلَالُ الْعِرَاقِيِّ وَانْهَدَمَ مِنْ أَصْلهِ كَيْفَ يَجْعَلُ النَّهْيَ عَنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِينَ مُتَنَاوِلاً لِمَنْ يَدْعُو الصَّالِحِينَ وَيَسْتَغِيثُ بِهِمْ، قَالَ وَهٰذَا بَاطِلٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ، إِلَى أَنْ قَالَ: وَإِنَّمَا يُكَفِّرُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ مَنْ نَطَقَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ بِتَكْفِيرِهِ وَاجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَيْهِ، كَمَنْ بَدَّلَ دِينَهُ وَفَعَلَ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالصَّالِحِينَ وَيَدْعُونَهُمْ، فَإِنَّ اللهَ كَفَّرَهُمْ وَأَبَاحَ دِمَائَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيهِمْ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ، نَبِيًّا أَوْ وَلِيًّا أَوْ صَنَمًا لَا فَرْقَ فِي الْكُفْرِ بَيْنَهُمْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ اِنْتَهَى كَلَاُمُهُ.

قُلْتُ: وَهٰذَا مِنْ أَعْظَمِ مَا يُبَيِّنُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الْجَاهِلِ الْعَابِدِ لِقُبَّةِ الْكَوَّازِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ فِي ذٰلِكَ لَا جَاهِلاً وَلَا غَيْرَهُ وَهٰذِهِ طَرِيقَةُ الْقُرْآنِ تَكْفِيرُ مَنْ أَشْرَكَ مُطْلَقًا، وَتَوَقُّفُهُ رَحِمَهُ اللهُ فِي بَعْضِ الْأَجْوِبَةِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَمَا تَرَى تَوَقَّفَ مَرَّةً كَمَا فِي قَوْلِه: وَأَمَّا مَنْ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ فَلَا أَدْرِي مَا حَالُهُ؟

فَيَا لِلّٰهِ الْعَجَبُ كَيْفَ يُتْرَكُ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعَ مَعَ دَلِيلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَابْنِ الْقَيِّمِ كمَا فِي قَوْلِهِ مَنْ بَلَغَهُ الْقُرْآنُ فَقَدْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ وَيُقْبَلُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مَعَ الْإِجْمَالِ. وَتَفَطَّنْ أَيْضًا فِيمَا قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّطِيفِ فِيمَا نَقَلَهُ عَنِ ابْنِ الْقَيِّمِ أَنَّ أَقَلَّ أَحَوَالِهِمْ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَ أَهِلِ الْفَتْرَةِ الَّذِينَ هَلَكُوا قَبْلَ الْبِعْثَةِ، وَمَنْ لَا تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءَ، إِلَى أَنْ قَالَ وَكِلَا النَّوْعَيْنِ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي مُسَمَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى عِنْدَ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ بَعْضَهُمْ، وَأَمَّا الشِّرْكُ فَهُوَ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ وَاسْمُهُ يَتَنَاوَلُهُمْ، وَأَيُّ إِسْلَامٍ يَبْقَى مَعَ مُنَاقَضَةِ أَصْلِهِ وَقَاعِدَتِهِ الْكُبْرَى شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ.

وَلْنَذْكُرْ كَلَامًا لِابْنِ الْقَيِّمِ ذَكَرَهُ فِي طَبَقَاتِ الْمُكَلَّفِينَ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّطِيفِ فِي رَدِّهِ عَلَى الْعِرَاقِيِّ مِثْلَ التَّفْسِيرِ لِمَا ذَكَرْنَا لَكَ وَيَجْلُو عَنْكَ بَقَايَا هٰذِهِ الشُّبْهَةَ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ الْمُكَلَّفِينَ لَمَّا ذَكَرَ رُؤُوسَ الْكُفَّارِ الَّذِينَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَأَنَّ عَذَابَهُمْ مُضَاعَفٌ، ثُمَّ قَالَ: اَلطَّبَقَةُ السَّابِعَةُ عَشْرَةٍ طَبَقَةُ الْمُقَلِّدِينَ وَجُهَّالِ الْكُفَّارِ وَأَتْبَاعِهِمْ وَحَمِيرِهِمُ الَّذِينَ هُمْ مَعَهُمْ تَبَعٌ، يَقُولُونَ إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَلَنَا أُسْوَةٌ بِهِمْ ومَعَ هٰذَا فَهُمْ مُسَالِمُونَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مُحَارِبِينَ لَهُمْ كَنِسَاءِ الْمُحَارِبِينَ وَخَدَمِهِمِ وَأَتْبَاعِهِمِ الَّذِينَ لَمْ يَنْصُبُوا أَنْفُسَهُمْ لِمَا نَصَبَ لَهُ أُولٰئِكَ أَنْفُسُهُمْ مِنَ السَّعْيِ فِي إِطْفَاءِ نُورِ اللهِ وهَدْمِ دِينِهِ وَإِخْمَادِ كَلِمَاتِهِ، بَلْ هُمْ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَّابِ، وَقَدِ اتَّفَقَتِ [الْأُمَّةُ] عَلَى هٰذِهِ الطَّبَقَةِ كُفَّارٌ وَإِنْ كَانُوا جُهَّالاً مُقَلِّدِينَ لِرُؤْسَاءِهِمِ وَأَئِمَّتِهِمْ إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْبِدَعِ أَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ لِهٰؤُلَاءِ بِالنَّارِ وَجَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَهٰذَا مَذْهَبٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا الصَّحَابَةُ وَلَا التَّابِعُونَ وَلَا مَنْ بَعْدَهُمْ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ فِي الْإِسْلَامِ. وقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

«مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَهُوَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ»،

فَأَخْبَرَ أَنَّ أَبَوَيْهِ يُنْقِلَانِهِ عَنِ الْفِطْرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوِ الْمَجُوسِيَّةِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ فِي ذٰلِكَ غَيْرَ الْمَرْبَي وَالْمَنْشَاِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْأَبَوَانِ، وَصَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ  وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

«إِنَّ الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ»

وَهٰذَا الْمُقَلِّدُ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَهُوَ عَاقِلٌ مُكَلَّفٌ وَالْعَاقِلُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْإِسْلَامِ أَوِ الْكُفْرِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ فَلَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمْ.

قُلْتُ: وَهٰذَا الصِّنْفُ أَعْنِي مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ هُمُ الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا نَقَلَ [عَنْهُ] الْعِرَاقِيُّ وَاسْتَثْنَاهُمْ شَيْخُنَا [الشَّيخُ] مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى. [وَصَنَّفَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَسَالَةً فِي أَنَّ الشَّرَائِعَ لَا تَلْزَمُ إِلَّا بَعْدَ الْبَلَاغِ وَقِيَامِ الْحُجَّةِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ:]

وَالْإِسْلَامُ هُوَ تَوْحِيدُ اللهِ وَعِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَالْإِيمَانُ [بِاللهِ وَ]بِرَسُولِهِ وَاتِّبَاعُهُ فِيمَا جَاءَ بِهِ، فَمَا لَمْ يَأْتِ الْعَبْدُ بِهٰذَا فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَإِنْ لُمْ يَكُنْ كَافِرًا مُعَانِدًا فَهُوَ كَافِرٌ جَاهِلٌ. فَغَايَةُ هٰذِهِ الطَّبَقَةِ أَنَّهُمْ كُفَّارٌ جُهَّالٌ غَيْرُ مُعَانِدِينَ وَعَدَمُ عِنَادِهِمِ لَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ كَوْنِهِمِ كُفَّارًا، فَإِنَّ الْكَافِرَ مَنْ جَحَدَ تَوْحِيدَ اللهِ تَعَالَى وَكَذَّبَ رَسُولَهُ إِمَّا عِنَادًا وَإِمَّا جَهْلاً وَتَقْلِيدًا لِأَهْلِ الْعِنَادِ فَهٰذَا وَإِنْ كَانَ غَايَتُهُ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَانِدٍ فَهُوَ مُتَّبِعٌ لِأَهْلِ الْعِنَادِ وَقَدْ أَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِعَذَابِ الْمُقَلِّدِينَ لِأَسْلَافِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَأَنَّ الْأَتْبَاعَ مَعَ مَتْبُوعِهِمِ وَأَنَّهُمْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ ذَكَرَ آيَاتٍ فِي هٰذَا وَأَحَادِيثٍ ثُمَّ قَالَ وَهٰذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُفْرَ مَنِ اتَّبَعَهُمْ إِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ اتِّبَاعِهِمْ وَتَقْلِيدِهِمْ نَعَمْ لَا بُدَّ فِي هٰذَا الْمَقَامِ مِنْ تَفْصِيلٍ بِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ مُقَلِّدٍ تَمَكَّنَ مِنَ الْعِلْمِ وَمَعْرِفَةِ الْحَقِّ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَمُقَلِّدٍ لَمَ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذٰلِكَ بِوَجْهٍ وَالْقِسْمَانِ وَاقِعَانِ فِي الْوُجُودِ، فَالْمُتَمَكِّنُ وَالْمُعْرِضُ مُفَرِّطٌ تَارِكٌ لِلْوَاجِبِ عَلَيْهِ لَا عُذْرَ لَهُ عِنْدَ اللهِ وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنِ السُّؤَالِ وَالْعِلْمِ الَّذِي لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ الْعِلْمِ بِوَجْهٍ فَهُمْ قِسْمَانِ [أَيْضًا] أَحَدُهُمَا مُرِيدٌ لِلْهُدَى مُؤْثِرٌ لَهُ مُحِبٌّ لَهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى طَلَبِهِ لِعَدَمِ مُرْشِدٍ، فَهٰذَا حُكْمُهُ حُكْمُ أَرْبَابِ الْفَتَرَاتِ وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ، اَلثَّانِي مُعْرِضٌ لَا إِرَادَةَ لَهُ وَلَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِغَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَالْأَوَّلُ يَقُولُ يَا رَبِّ لَوْ أَعْلَمُ لَكَ دِينًا خَيْرًا مِمَّا أَنَا عَلَيْهِ  لَدِنْتُ بِهِ وَتَرَكْتُ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَلٰكِنْ لَا أَعْرِفُ سِوَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وَلَا أَقْدِرُ عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ غَايَةُ جُهْدِي وَنِهَايَةُ مَعْرِفَتِي، وَالثَّانِي رَاضٍ بِمَا هُوَ عَلَيْهِ لَا يُؤْثِرُ غَيْرَهُ عَلَيْهِ وَلَا تَطْلُبُ نَفْسَهُ سِوَاهُ وَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ حَالِ عَجْزِهِ وَقُدْرَتِهِ وَكِلَاهُمَا عَاجِزٌ وَهٰذَا لَا يَجِبُ أَنْ يُلْحَقَ بِالْأَوَّلِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ فَالْأَوَّلُ كَمَنْ طَلَبَ الدِّينَ فِي الْفَتْرَةِ فَلَمَ يَظْفَرْ بِهِ فَعَدَلَ عَنْهُ بَعْدَ اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي طَلَبِهِ عَجْزًا وَجَهْلاً، وَالثَّانِي كَمَنْ لَمْ يَطْلُبْ بَلْ مَاتَ عَلَى شِرْكِهِ وَلَوْ كَانَ طَلَبُهُ لِعَجْزٍ عَنْهُ فَفَرْقٌ بَيْنَ عَجْزِ الطَّالِبِ وَعَجْزِ الْمُعْرِضِ.

وَاللهُ يَقْضِي بَيْنَ عِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِعَدْلِهِ وَحِكْمَتِهِ وَلَا يُعَذِّبُ إِلَّا مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّتُهُ بِالرُّسُلِ فَهٰذَا مَقْطُوعٌ بِهِ فِي جُمْلَةِ الْخَلْقِ، وَأَمَّا كَوْنُ زَيْدٍ بِعَيْنِهِ وَعَمْرٍو قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ أَمْ لَا فَذٰلِكَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ الدُّخُولُ بَيْنَ اللهِ وَعِبَادِهِ فِيهِ، بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَانَ بِدِينٍ غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ كَافِرٌ وَأَنَّ اللهَ [سُبْحَانَهُ وَ]تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِالرَّسُولِ، هٰذَا فِي الْجُمْلَةِ وَالتَّعْيِينُ مَوْكُولٌ إِلَى عِلْمِ اللهِ، وَحُكْمُهُ هٰذَا فِي أَحْكَامِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَأَمَّا [فِي] أَحْكَامِ الدُّنْيَا فَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ، فَأَطْفَالُ الْكُفَّارِ وَمَجَانِينُهُمْ كُفَّارٌ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا لَهُمْ حُكْمُ أَوْلِيَائِهِمِ وَبِهٰذَا التَّفْصِيلِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِي هٰذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَرْبَعَةِ أُصُولٍ.

أَحَدُهَا: أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ [وَتَعَالَى] لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إِلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ  كمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾، وقَالَ [تَعَالَى]:

﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾، وقَالَ:

﴿رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُل﴾،

وَذَكَرَ آيَاتٍ ثُمَّ قَالَ وقَالَ تَعَالَى:

﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلٰكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾

وَالظَّالِمُ مَنْ عَرَفَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ تَمَكَّنَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ ثُمَّ خَالَفَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنَ الرَّسُولِ عِلْمٌ أَصْلاً وَلَا تَمَكَّنَ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِوَجْهٍ وَعَجَزَ عَنْ ذٰلِكَ فَكَيْفَ يُقَالُ أَنَّهُ ظَالِمٌ؟

اَلْأَصْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْعَذَابَ يُسْتَحَقُّ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا: اَلْإِعْرَاضُ عَنِ الْحُجَّةِ وَعَدَمُ إِرَادَتِهِ بِهَا وَلِمُوجِبِهَا، اَلثَّانِي: اَلْعِنَادُ لَهَا بَعْدَ قِيَامِهَا وَتَرْكُ إِرَادَةِ مُوجِبِهَا. فَالْأَوَّلُ كُفْرُ إِعْرَاضٍ والثَّانِي كُفْرُ عِنَادٍ، وَأَمَّا كُفْرُ الْجَهْلِ مَعَ عَدَمِ قِيَامِ الْحُجَّةِ وَعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ مَعْرِفَتِهَا فَهٰذَا هُوَ الَّذِي نَفَى اللهُ التَّعْذِيبَ عَلَيْهِ حَتَّى تَقُومَ حُجَّتُهُ بِالرُّسُلِ.

اَلْأَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ قِيَامَ الْحُجَّةِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَشْخَاصِ، فَقَدْ تَقُومُ حُجَّةُ اللهِ عَلَى الْكُفَّارِ فِي زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ وَفِي بُقْعَةٍ ونَاحِيَةٍ دُونَ أُخْرَى، كَمَا أَنَّهَا تَقُومُ عَلَى شَخْصٍ دُونَ آخَرَ إِمَّا لِعَدَمِ عَقْلِهِ وَتَمَيُّزِهِ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَإِمَّا لِعَدَمِ فَهْمِهِ لِكَوْنِهِ لَا يَفْهَمُ [الْخِطَابَ] وَلَمْ يَحْضُرْ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهَ، فَهٰذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ شَيْئًا وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ التَّفَهُّمِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَرَبَعَةِ الَّذِينَ يُدْلُونَ عَلَى اللهِ بِالْحُجَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْأَسْوَدِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمَا إِلَى آخِرِهِ.

ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ: فَقِفْ هُنَا وَتَأَمَّلْ هٰذَا التَّفْصِيلَ الْبَدِيعَ فَإِنَّهُ رَحِمَهُ اللهُ لَمْ يَسْتَثْنِ إِلَّا مَنْ عَجَزَ عَنْ إِدَرَاكِ الْحَقِّ مَعَ شِدَّةِ طَلَبِهِ وَإِرَادَتِهِ لَهُ فَهٰذَا الصِّنْفُ هُوَ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَابْنِ الْقَيِّمِ وَأَمْثَالِهِمَا مِنَ الْمُحَقِّقِينَ [رَحِمَهُمُ اللهُ]، وَأَمَّا الْعِرَاقِيُّ وَإِخْوَانُهُ الْمُبْطِلُونَ فَشَبَّهُوا بِأَنَّ الشَّيْخَ لَا يُكَفِّرُ الْجَاهِلَ وَأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ مَعْذُورٌ وَأَجْمَلُوا الْقَوْلَ وَلَمْ يُفَصِّلُوا وَجَعَلُوا هٰذِهِ الشُّبْهَةَ تِرْسًا يَدْفَعُونَ بِهِ الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةَ وَالْأَحَادِيثَ النَّبَوِيَّةَ وَصَاحُوا [بِهِ] عَلَى عِبَادِ اللهِ الْمُوَحِّدِينَ كَمَا جَرَى لِأَسْلَافِهِمِ مِنْ عُبَّادِ الْقُبُورِ وَالْمُشْرِكِينَ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ وَهُوَ الْحَاكِمُ [بِعِلْمِهِ وَعَدْلِهِ] بَيْنَ عِبَادِهِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، إِلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيل رَحِمَهُ اللهُ: «إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ، وَلَا ‌ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ ‌أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ.»
İbnu Akîl Rahimehullâh dedi ki: "Zamane insanlarda İslam'ın yerini bilmek istersen, camilerin kapısındaki izdihamlarına ve mevkıfte Lebbeyk diye bağırtılarına bakma! Yalnızca onların şeriat düşmanlarıyla uzlaşmalarına bak!" (İbnu Muflih, el-Âdâb'uş Şerîa, 1/237)

Tevhîd Müdafaası


فَتَأَمَّلْ إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَطْلُبُ الْحَقَّ بِدَلِيلِهِ وَإِنْ كُنْتَ مِمَّنْ صَمَّمَ عَلَى الْبَاطِلِ وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ بِمَا أُجْمِلَ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ فَلَا عَجَبَ، وَصَلَّى اللّٰهُ عَلَى مُحَمَّدِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

ذِي الْحِجَّةِ سَنَةُ 1312هـ، نُقِلَ مِنْ خَطِّ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِيَدِهِ فَجَزَاهُ اللهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرًا.

بِقَلَمِ الْفَقِيرِ إِلَى اللهِ [تَعَالَى] عَبْدُهُ وَابْنُ عَبْدِهِ وَابْنُ أَمَتِهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْفَوْزَان غَفَرَ اللهُ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَلِمَشَايِخِهِ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّتِهِمُ الَّذِينَ حَفَظَ اللهُ بِهِمُ الدِّينَ وَأَرْغَمَ بِهِمْ أُنُوفَ أَهْلَ الزَّيْغِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلِّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيل رَحِمَهُ اللهُ: «إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْلَمَ مَحَلَّ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الزَّمَانِ فَلَا تَنْظُرْ إلَى زِحَامِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْجَوَامِعِ، وَلَا ‌ضَجِيجِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ بِلَبَّيْكَ، وَإِنَّمَا اُنْظُرْ إلَى مُوَاطَأَتِهِمْ ‌أَعْدَاءَ الشَّرِيعَةِ.»
İbnu Akîl Rahimehullâh dedi ki: "Zamane insanlarda İslam'ın yerini bilmek istersen, camilerin kapısındaki izdihamlarına ve mevkıfte Lebbeyk diye bağırtılarına bakma! Yalnızca onların şeriat düşmanlarıyla uzlaşmalarına bak!" (İbnu Muflih, el-Âdâb'uş Şerîa, 1/237)

🡱 🡳

Benzer Konular (5)