Tevhide Davet

21 Şevval 1445, 21:02

Haberler:

İletişim adresimiz: info@darultawhid.com

Ana Menü

Son İletiler

#31
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللّٰهُ:

وَكَانَ الْجَهْمُ وَشِيعَتُهُ كَذٰلِكَ دَعَوُا النَّاسَ إِلَى الْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا بِكَلَامِهِمْ بَشَرًا كَثِيرًا.

فَكَانَ مِمَّا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِ الْجَهْمِ عَدُوِّ اللّٰهِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ أَهْلِ التِّرْمِذِ، وَكَانَ صَاحِبَ خُصُومَاتٍ وَكَلَامٍ، وَكَانَ أَكْثَرُ كَلَامِهِ فِي اللّٰهِ، فَلَقِيَ أُنَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، يُقَالُ لَهُمْ "اَلسُّمَنِيَّةُ"، فَعَرَفُوا الْجَهْمَ،

فَقَالُوا لَهُ: نُكَلِّمُكَ، فَإِنْ ظَهَرَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْكَ دَخَلْتَ فِي دِينِنَا، وَإِنْ ظَهَرَتْ حُجَّتُكَ عَلَيْنَا دَخَلْنَا فِي دِينِكَ!

فَكَانَ مِمَّا كَلَّمُوا بِهِ الْجَهْمَ أَنْ قَالُوا لَهُ:

أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ لَكَ إِلٰهًا؟

قَالَ الْجَهْمُ: نَعَمْ.

فَقَالُوا لَهُ: فَهَلْ رَأَيْتَ إِلٰهَكَ؟

قَالَ: لَا.

قَالُوا: فَهَلْ سَمِعْتَ كَلَامَهُ؟

قَالَ: لَا.

قَالُوا: فَشَمَمْتَ لَهُ رَائِحَةً؟

قَالَ: لَا.

قَالُوا: فَهَلْ وَجَدْتَ لَهُ حِسًّا؟

قَالَ: لَا.

قَالُوا: فَوَجَدْتَ لَهُ مَجَسًّا؟

قَالَ لَا.

قَالُوا: فَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ إِلٰهٌ؟!

قَالَ: فَتَحَيَّرَ الْجَهْمُ، فَلَمْ يَدْرِ مَنْ يَعْبُدُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا!!

ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَدْرَكَ حُجَّةً مِثْلَ حُجَّةِ زَنَادِقَةِ النَّصَارَى، وَذٰلِكَ أَنَّ زَنَادِقَةَ النَّصَارَى يَزْعُمُونَ أَنَّ الرُّوحَ الَّتِي هِي فِي عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هِيَ رُوحُ اللّٰهِ، مِنْ ذَاتِ اللّٰهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْدِثَ أَمْرًا دَخَلَ فِي بَعْضِ خَلْقِهِ، فَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِ خَلْقِهِ، فَيَأْمُرُ بِمَا شَاءَ، وَيَنْهَى عَمَّا شَاءَ، وَهُوَ رُوحٌ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ.

فَاسْتَدْرَكَ الْجَهْمُ حُجَّةً مِثْلَ هٰذِهِ الْحُجَّةِ؛

فَقَالَ لِلسُّمَنِيِّ: أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ فِيكَ رُوحًا؟

قَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ: فَهَلْ رَأَيْتَ رُوحَكَ؟

قَالَ: لَا.

قَالَ: فَهَلْ سَمِعْتَ كَلَامَهُ؟

قَالَ: لَا.

قَالَ: فَوَجَدْتَ لَهُ حِسًّا أَوْ مَجَسًّا؟

قَالَ: لَا.

قَالَ: فَكَذٰلِكَ اللّٰهُ لَا يُرَى لَهُ وَجْهٌ، وَلَا يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ، وَلَا يُشَمُّ لَهُ رَائِحَةٌ، وَهُوَ غَائِبٌ عَنِ الْأَبْصَارِ، وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ!.

وَوَجَدَ ثَلَاثَ آيَاتٍ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ:

قَوْلَهُ تَعَالَى:

﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.﴾ [الشورى: ١١]،

وَقَوْلَهُ:

﴿وَهُوَ اللّٰهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ.﴾ [الأنعام: ٣]،

وَقَوْلَهُ:

﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ.﴾ [الأنعام: ١٠٣].

فَبَنَى أَصْلَ كَلَامِهِ كُلِّهِ عَلَى هٰؤُلَاءِ الْآيَاتِ، وَتَأَوَّلَ الْقُرْآنَ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَكَذَّبَ بِأَحَادِيثِ رَسُولِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَزَعَمَ أَنَّ مَنْ وَصَفَ مِنَ اللّٰهِ شَيْئًا مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، أَوْ حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ كَافِرًا وَكَانَ مِنَ الْمُشَبِّهَةِ. فَأَضَلَّ بِكَلَامِهِ بَشَرًا كَثِيرًا، وَتَبِعَهُ عَلَى قَوْلِهِ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِ عَمْرٍو بْنِ عُبَيْدٍ بِالْبَصْرَةِ، وَوَضَعَ دِينَ الْجَهْمِيَّةِ.

فَإِذَا سَأَلَهُمُ النَّاسُ عَنْ قَوْلِ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ.﴾ [الشورى: ١١] وَمَا تَفْسِيرُهُ؟

يَقُولُونَ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَشْيَاءِ، وَهُوَ تَحْتَ الْأَرْضِينِ السَّبْعِ كَمَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ، وَلَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا يَتَكَلَّمُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ أَحَدٌ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يُوصَفُ وَلَا يُعْرَفُ بِصِفَةٍ وَلَا يَفْعَلُ، وَلَا لَهُ غَايَةٌ وَلَا لَهُ مُنْتَهَى، وَلَا يُدْرَكُ بِعَقْلٍ، وَهُوَ وَجْهٌ كُلُّهُ، وَهُوَ عِلْمٌ كُلُّهُ، وَهُوَ سَمْعٌ كُلُّهُ، وَهُوَ بَصَرٌ كُلُّهُ، وَهُوَ نُورٌ كُلُّهُ، وَهُوَ قُدْرَةٌ كُلُّهُ

وَلَا يَكُونُ شَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلَا يُوصَفُ بِوَصْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَعْلَى وَلَا أَسْفَلُ، وَلَا نَوَاحٍ وَلَا جَوَانِبَ، وَلَا يَمِينَ وَلَا شِمَالَ، وَلَا هُوَ ثَقِيلٌ وَلَا خَفِيفٌ، وَلَا لَهُ لَوْنٌ وَلَا لَهُ جِسْمٌ، وَلَيْسَ بِمَعْلُومٍ أَوْ مَعْقُولٍ، وَكُلَّ مَا خَطَرَ بِقَلْبِكَ أَنَّهُ شَيْءٌ تَعْرِفُهُ فَهُوَ عَلَى خِلَافِهِ!

قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللّٰهُ:

فَقُلْنَا هُوَ شَيْءٌ؟

فَقَالُوا: هُوَ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ.

فَقُلْنَا: إِنَّ الشَّيْءَ الَّذِي لَا كَالْأَشْيَاءِ قَدْ عَرَفَ أَهْلُ الْعَقْلِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ.

فَعِنْدَ ذٰلِكَ، تَبَيَّنَ لِلنَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ شَيْئًا، وَلٰكِنَّهُمْ يَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ الشُّنْعَةَ بِمَا يُقِرُّونَ مِنَ الْعَلَانِيَةِ.

فَإِذَا قِيلَ لَهُمْ: مَنْ تَعْبُدُونَ؟

قَالُوا: نَعْبُدُ مَنْ يُدَبِّرُ أَمْرَ هٰذَا الْخَلْقَ.

فَقُلْنَا: هٰذَا الَّذِي يُدَبِّرَ أَمْرَ هٰذَا الْخَلْقِ هُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ بِصِفَةٍ؟

قَالُوا: نَعَمْ.

قُلْنَا: قَدْ عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّكُمْ لَا تُثْبِتُونَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا تَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِكُمُ الشَّنْعَةَ بِمَا تُظْهِرُونَ.

وَقُلْنَا لَهُمْ: هٰذَا الَّذِي يُدَبِّرُ: هُوَ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى؟

قَالُوا: لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَا يُكَلَّمُ، لِأَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِجَارِحَةٍ، وَالْجَوَارِحُ عَنِ اللّٰهِ مَنْفِيَّةٌ.

فَإِذَا سَمِعَ الْجَاهِلُ قَوْلَهُمْ يَظُنُّ أَنَّهُمْ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ تَعْظِيمًا لِلّٰهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَشْعُرُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَعُودُ قَوْلُهُمْ إِلَى فِرْيَةٍ فِي اللّٰهِ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يَعُودُ قَوْلُهُمْ إِلَى ضَلَالَةٍ وَكُفْرٍ.

قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللّٰهُ:

فَمِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ الْجَهْمِيُّ يُقَالُ لَهُ: تَجِدُ فِي كِتَابِ اللّٰهِ آيَةً تُخْبِرُ عَنِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ؟!

فَلَا يَجِدُ.

فَيُقَالُ لَهُ: فَتَجِدُهُ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللّٰهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ؟!

فَلَا يَجِدُ.

فَيُقَالُ لَهُ: فَلِمَ قُلْتَ؟

فَسَيَقُولُ: مِنْ قَوْلِ اللّٰهِ تَعَالَى:

﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا.﴾ [الزخرف: ٣].

وَزَعَمَ أَنَّ "جَعَلَ" بِمَعْنَى "خَلَقَ"، فَكُلُّ مَجْعُولٍ هُوَ مَخْلُوقٌ، فَادَّعَى كَلِمَةً مِنَ الْكَلَامِ الْمُتَشَابِهِ، يَحْتَجُّ بِهَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يُلْحِدَ فِي تَنْزِيلِهَا، وَيَبْتَغِي الْفِتْنَةَ فِي تَأْوِيلِهَا، وَذٰلِكَ أَنَّ "جَعَلَ" فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ عَلَى وَجْهَيْنِ: عَلَى مَعْنَى التَّسْمِيَةِ، وَعَلَى مَعْنَى فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِمْ.

قَوْلُهُ تَعَالَى:

﴿اَلَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ.﴾ [الحجر: ٩١]،

قَالُوا: هُوَ شِعْرٌ، وَأَنْبَاءُ الْأَوَّلِينَ، وَأَضْغَاثُ أَحْلَامٍ، فَهٰذَا عَلَى مَعْنَى تَسْمِيَةٍ. وَقَالَ:

﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمٰنِ إِنَاثًا.﴾ [الزخرف: ١٩]،

يَعْنِي أَنَّهُمْ سَمَّوْهُمْ إِنَاثًا.

ثُمَّ ذَكَرَ "جَعَلَ" عَلَى غَيْرِ مَعْنَى التَّسْمِيَةِ، فَقَالَ:

﴿يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ.﴾ [البقرة: ١٩]،

فَهٰذَا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِهِمْ، وَقَالَ:

﴿حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا.﴾ [الكهف: ٩٦]،

هٰذَا عَلَى مَعْنَى فَعَلَ، هٰذَا جَعْلُ الْمَخْلُوقِينَ. ثُمَّ ذَكَرَ "جَعَلَ" مِنَ اللّٰهِ عَلَى مَعْنَى "خَلَقَ"، وَ"جَعَلَ"عَلَى غَيْرِ مَعْنَى "خَلَقَ" وَالَّذِي قَالَ اللّٰهُ تَعَالَى "جَعَلَ"عَلَى مَعْنَى "خَلَقَ" لَا يَكُونُ إِلَّا خَلْقًا، وَلَا يَقُومُ إِلَّا مَقَامَ "خَلَقَ" لَا يَزُولُ عَنْهُ الْمَعْنَى،

فَإِذَا قَالَ تَعَالَى"جَعَلَ" عَلَى غَيْرِ مَعْنَى "خَلَقَ"، لَا يَكُونُ خَلَقًا، وَلَا يَقُومُ مَقَامَ "خَلَقَ"، وَلَا يَزُولُ عَنْهُ الْمَعْنَى.

فَمِمَّا قَالَ اللّٰهُ عَزَّ وَجَلَّ "جَعَلَ" عَلَى مَعْنَى "خَلَقَ" قَوْلُهُ:

﴿اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ.﴾ [الأنعام: ١]

يَعْنِي: وَخَلَقَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ. وَقَالَ:

﴿وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ.﴾ [النحل: ٧٨؛ السجدة: ٩]،

يَقُولُ: وَخَلَقَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ. وَقَالَ:

﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ.﴾ [الإسراء: ١٢]،

يَقُولُ: وَخَلَقْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ. وَقَالَ:

﴿وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا.﴾ [نوح: ١٦]، وَقَالَ:

﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا.﴾ [الأعراف: ١٨٩]،

يَقُولُ: وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا، يَقُولُ خَلَقَ مِنْ آدَمَ حَوَّاءَ. قَالَ:

﴿وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ.﴾ [النمل: ٦١]،

يَقُولُ: وَخَلَقَ لَهَا رَوَاسِيَ.

وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، فَهٰذَا وَمَا كَانَ عَلَى مِثْلِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى مَعْنَى "خَلَقَ".

ثُمَّ ذَكَرَ "جَعَلَ" عَلَى مَعْنَى غَيْرِ "خَلَقَ" قَوْلُهُ:

﴿مَا جَعَلَ اللّٰهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ.﴾ [المائدة: ١٠٣]،

لَا يَعْنِي "مَا خَلَقَ اللّٰهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ".

وَقَالَ اللّٰهُ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ:

﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا.﴾ [البقرة: ١٢٤]،

لَا يَعْنِي: "إِنِّي خَالِقُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا"، لِأَنَّ خَلْقَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُتَقَدِّمًا.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ:

﴿رَبِّ اجْعَلْ هٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا.﴾ [إبراهيم: ٣٥]،

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ:

﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي.﴾ [إبراهيم: ٤٠]،

لَا يَعْنِي: "اُخْلُقْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ". وَقَالَ:

﴿يُرِيدُ اللّٰهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ.﴾ [آل عمران: ١٧٦]،

لَا يَعْنِي: "يُرِيدُ اللّٰهُ أَنْ لَا يَخْلُقَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ".

وَقَالَ لِأُمِّ مُوسَى:

﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.﴾ [القصص: ٧]

لَا يَعْنِي: "خَالِقُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ"، لِأَنَّ اللّٰهَ تَعَالَى وَعَدَ أُمَّ مُوسَى أَنْ يَرُدَّهُ إِلَيْهَا، ثُمَّ يَجْعَلُهُ مِنْ بَعْدِ ذٰلِكَ مُرْسَلًا.

وَقَالَ:

﴿وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ.﴾ [الأنفال: ٣٧]،

لَا يَعْنِي: "فَيَخْلُقَهُ فِي جَهَنَّمَ".

قَالَ:

﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ.﴾ [القصص: ٥]،

لَا يَعْنِي: "وَنَخْلُقَهُمْ أَئِمَّةً وَنَخْلُقَهُمْ الْوَارِثِينَ"،

وَقَالَ:

﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا.﴾ [الأعراف: ١٤٣]،

لَا يَعْنِي: "خَلَقَهُ دَكًّا"، وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ. فَهٰذَا -وَمَا كَانَ عَلَى مِثَالِهِ- لَا يَكُونُ عَلَى مَعْنَى "خَلَقَ"، فَإِذَا قَالَ اللّٰهُ: "جَعَلَ" عَلَى مَعْنَى "خَلَقَ". وَقَالَ: "جَعَلَ" عَلَى غَيْرِ مَعْنَى "خَلَقَ"، فَبِأَيِّ حُجَّةٍ قَالَ الْجَهْمِيُّ "جَعَلَ" عَلَى مَعْنَى "خَلَقَ"؟

فَإِنْ رَدَّ الْجَهْمِيُّ "الْجَعْلَ" إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفَهُ اللّٰهُ فِيهِ وَإِلَّا كَانَ مِنَ الَّذِينَ

﴿يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللّٰهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.﴾ [البقرة: ٧٥].

فَلَمَّا قَالَ اللّٰهُ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا.﴾ [الزخرف: ٣]،

يَقُولُ: جَعَلَهُ عَرَبِيًّا، جَعَلَهُ "جَعْلًا" عَلَى مَعْنَى فِعْلٍ مِنْ أَفْعَالِ اللّٰهِ تَعَالَى، عَلَى غَيْرِ مَعْنَى "خَلَقَ".

وَقَالَ فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ:

﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.﴾ [الزخرف: ٣]،

وَقَالَ:

﴿لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ۞ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ.﴾ [الشعراء: ١٩٤- ١٩٥]،

وَقَالَ:

﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ.﴾ [مريم: ٩٧؛ الدخان: ٥٨].

فَلَمَّا جَعَلَ اللّٰهُ الْقُرْآنَ عربيًّا، وَيَسَّرَهُ بِلِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ ذٰلِكَ فِعْلًا مِنْ أَفْعَالِ اللّٰهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، جَعَلَ بِهِ الْقُرْآنَ عربيًّا، وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوا مَعْنَاهُ: أَنْزَلْنَاهُ بِلِسَانِ الْعَرَبِ. وَقِيلَ: بَيَّنَّاهُ، يَعْنِي هٰذَا بَيَانٌ لِمَنْ أَرَادَ اللّٰهُ هُدَاهُ.
#32
بَابُ
بَيَانِ مَا ضَلَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ

قَالَ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللّٰهُ: فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا.﴾ [النساء: ٥٦]:

قَالَتِ الزَّنَادِقَةُ: فَمَا بَالُ جُلُودِهِمُ الَّتِي عَصَتْ قَدِ احْتَرَقَتْ، وَأَبْدَلَهُمُ اللّٰهُ جُلُودًا غَيْرَهَا؟

فَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّ اللّٰهَ يُعَذِّبُ جُلُودًا لَمْ تُذْنِبْ حِينَ يَقُولُ: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا.﴾ [النساء: ٥٦].

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ.

فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنَّ قَوْلَ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا.﴾ [النساء: ٥٦] لَيْسَ مَعْنَاهُ جُلُودًا غَيْرَ جُلُودِهِمْ، وَإِنَّمَا مَعْنَى: ﴿بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا.﴾ [النساء: ٥٦] تَبْدِيلُهَا: تَجْدِيدُهَا. لِأَنَّ جُلُودَهُمْ إِذَا نَضِجَتْ جَدَّدَهَا اللّٰهُ، وَذٰلِكَ لِأَنَّ الْقُرْآنَ فِيهِ خَاصٌّ وَعَامٌّ، وَوُجُوهٌ كَثِيرَةٌ، وَخَوَاطِرُ يَعْلَمُهَا الْعُلَمَاءُ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿هٰذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ ۞ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ.﴾ [المرسلات: ٣٥، ٣٦] .

ثُمَّ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.﴾ [الزمر: ٣١]

فَقَالُوا:

كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُحْكَمِ؟ قَالَ: ﴿هٰذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ.﴾ [المرسلات: ٣٥]، ثُمَّ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.﴾ [الزمر: ٣١]؟ !

فَزَعَمُوا أَنَّ هٰذَا الْكَلَامَ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ.

أَمَّا تَفْسِيرُ ﴿هٰذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ﴾ [المرسلات: ٣٥] اَلْآيَةَ: فَهٰذَا أَوَّلُ مَا تُبْعَثُ الْخَلَائِقُ عَلَى مِقْدَارِ سِتِّينَ سَنَةٍ لَا يَنْطِقُونَ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي الِاعْتِذَارِ فَيَعْتَذِرُونَ. ثُمَّ يُؤْذَنُ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ فَيَتَكَلَّمُونَ،

فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا.﴾ [السجدة: ١٢] اَلْآيَةَ.

فَإِذَا أَذِنَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ فَتَكَلَّمُوا وَاخْتَصَمُوا فَذٰلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ.﴾ [الزمر: ٣١] عِنْدَ الْحِسَابِ وَإِعْطَاءِ الْمَظَالِمِ. ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ:

﴿لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ.﴾، أَيْ عِنْدِي ﴿وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ.﴾ [ق: ٢٨]، يَعْنِي: فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ الْعَذَابَ مَعَ هٰذَا الْقَوْلِ كَائِنٌ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا.﴾ [الإسراء: ٩٧].

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ.﴾ [الأعراف: ٥٠]،

﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ.﴾ [الأعراف: ٤٤].

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُحْكَمِ؟ قَالَ: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا.﴾ [الإسراء: ٩٧]

ثُمَّ يَقُولُ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ أَنَّهُ يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا؟!

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ.

أَمَّا تَفْسِيرُ:

﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ.﴾ [الأعراف: ٤٤]،

﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ.﴾ [الأعراف: ٥٠]:

فَإِنَّهُمْ أَوَّلُ مَا يَدْخُلُونَ النَّارَ يُكَلِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيُنَادُونَ:

﴿يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ.﴾ [الزخرف: ٧٧]،

وَيَقُولُونَ:

﴿رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ.﴾ [إبراهيم: ٤٤]

وَ:

﴿رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا.﴾ [المؤمنون: ١٠٦].

فَهُمْ يَتَكَلَّمُونَ حَتَّى يُقَالَ لَهُمْ:

﴿اِخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ.﴾ [المؤمنون: ١٠٨]،

صَارُوا عُمْيًا وَبُكْمًا وصُمًّا، وَيَنْقَطِعُ الْكَلَامُ وَيَبْقَى الزَّفِيرُ وَالشَّهِيقُ.

فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ مِنْ قَوْلِ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ.﴾ [المؤمنون: ١٠١]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ.﴾ [الصافات: ٥٠].

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْمُحْكَمِ؟... فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ.

أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ.﴾ [المؤمنون: ١٠١]،

فَهٰذَا عِنْدَ النَّفْخَةِ الثَّانِيَةِ، إِذَا قَامُوا مِنَ الْقُبُورِ، لَا يَتَسَاءَلُونَ، وَلَا يَنْطِقُونَ فِي ذٰلِكَ الْمَوْطِنِ.

فَإِذَا حُوسِبُوا، وَدَخَلُوا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، أَقَبْلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ؛ فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ۞ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ.﴾ [المدثر: ٤٢-٤٣]. وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ.﴾ [الماعون: ٤].

قَالُوا:

إِنَّ اللّٰهَ قَدْ ذَمَّ قَوْمًا كَانُوا يُصَلُّونَ فَقَالَ: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ.﴾ [الماعون: ٤]، وَقَدْ قَالَ فِي قَوْمٍ إِنَّهُمْ إِنَّمَا دَخَلُوا النَّارَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَ الْمُصَلِّينَ!

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ.

قَالَ:

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ.﴾ [الماعون: ٤] عَنَى بِهِ الْمُنَافِقِينَ: ﴿اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ.﴾ [الماعون: ٥]

حَتَّى يَذْهَبَ الْوَقْتُ

﴿اَلَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ.﴾ [الماعون: ٦]،

يَقُولُ: إِذَا رَأَوْهُمْ صَلُّوا، وَإِذَا لَمْ يَرَوْهُمْ لَمْ يُصَلُّوا.

 وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ۞ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ.﴾ [المدثر: ٤٢-٤٣]،

 يَعْنِي مِنَ الْمُوَحِّدِينَ الْمُؤْمِنِينَ.

فَهٰذَا مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ.﴾ [فاطر: ١١].

ثُمَّ قَالَ:

﴿مِنْ طِينٍ لَازِبٍ.﴾ [الصافات: ١١].

ثُمَّ قَالَ:

﴿مِنْ سُلَالَةٍ.﴾ [المؤمنون: ١٢].

ثُمَّ قَالَ:

﴿مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ.﴾ [الحجر: ٢٦].

ثُمَّ قَالَ:

﴿مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ.﴾ [الرحمن: ١٤].

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ، وَقَالُوا:

هٰذَا لَا شَكَّ أَنَّهُ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

فَهٰذَا بِدْءُ خَلْقِ آدَمَ،

خَلَقَهُ اللّٰهُ أَوَّلَ بِدْئِهِ مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ مِنْ طِينَةٍ حَمْرَاءَ، وَسَوْدَاءَ، وَبَيْضَاءَ، وَمِنْ طِينَةٍ طَيِّبَةٍ وَسَبْخَةٍ،

فَلِذٰلِكَ ذُرِّيَّتُهُ طَيِّبٌ وَخَبِيثٌ، أَسْوَدُ، وَأَحْمَرُ، وَأَبْيَضُ.

ثُمَّ بَلَّ ذٰلِكَ التُّرَابَ فَصَارَ طِينًا، فَذٰلِكَ قَوْلُهُ: ﴿مِنْ طِينٍ.﴾ [الصافات: ١١]، فَلَمَّا لَصِقَ الطِّينُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَصَارَ طِينًا لَازِبًا، يَعْنِي: لَاصِقًا.

ثُمَّ قَالَ: ﴿مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ.﴾ [المؤمنون: ١٢]،

يَقُولُ: مِثْلُ الطِّينِ، إِذَا عُصِرَ انْسَلَّ مِنْ بَيْنِ الْأَصَابِعِ.

ثُمَّ نَتَنَ فَصَارَ حَمَأً مَسْنُونًا فَخُلِقَ مِنَ الْحَمَإِ، فَلَمَّا جَفَّ صَارَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ، يَقُولُ: صَارَ لَهُ صَلْصَلَةٌ كَصَلْصَلَةِ الْفَخَّارِ، يَقُولُ: لَهُ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ الْفَخَّارِ.

 فَهٰذَا بَيَانُ خَلْقِ آدَمَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ.﴾ [السجدة: ٨]،

فَهٰذَا بِدْءُ خَلْقِ ذُرِّيَّتِهِ، ﴿مِنْ سُلَالَةٍ﴾، يَعْنِي النُّطْفَةَ إِذَا انْسَلَّتْ مِنْ الرَّجُلِ، فَذٰلِكَ قَوْلُهُ: ﴿مِنْ مَاءٍ﴾، يَعْنِي النُّطْفَةَ ﴿مَهِينٍ﴾ يَعْنِي: ضَعِيفٍ.

فَهٰذَا مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.﴾ [الشعراء: ٢٨].

وَ:﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ.﴾ [الرحمن: ١٧].

وَ:﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ.﴾ [المعارج: ٤٠].

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ، وَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُحْكَمِ؟

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ.﴾ [الشعراء: ٢٨]

فَهٰذَا الْيَوْمُ الَّذِي يَسْتَوِي فِيهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، أَقْسَمَ اللّٰهُ سُبْحَانَهُ بِمَشْرِقِهِ وَمَغْرِبِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ.﴾ [الرحمن: ١٧]

فَهٰذَا أَطْوَلُ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ، وَأَقْصَرُ يَوْمٍ فِي السَّنَةِ، أَقْسَمَ اللّٰهُ تَعَالَى بِمَشْرِقِهِمَا وَمَغْرِبِهِمَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ.﴾ [المعارج: ٤٠]،

فَهُوَ مَشَارِقُ السَّنَةِ وَمَغَارِبُهَا. فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.﴾ [الحج: ٤٧]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.﴾ [السجدة: ٥]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ۞ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا.﴾ [المعارج: ٤-٥]

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُحْكَمِ، وَهُوَ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا؟

قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ.﴾ [الحج: ٤٧]

فَهٰذَا مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي خَلَقَ اللّٰهُ فِيهَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ خَلَقَهَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، كُلُّ يَوْمٍ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ.﴾ [السجدة: ٥]،

وَذٰلِكَ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَنْزِلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ.﴾ [السجدة: ٥]، وَذٰلِكَ أَنَّ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ مَسِيرَةَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ، فَهُبُوطٌ خَمْسُمِائَةٍ عَامٍ، وَصُعُودٌ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ، فَذٰلِكَ أَلْفُ سَنَةٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.﴾ [المعارج: ٤]،

يَقُولُ: لَوْ وَلِيَ حِسَابَ الْخَلَائِقِ غَيْرَ اللّٰهِ، مَا فَرَغَ مِنْهُ فِي يَوْمٍ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَيَفْرُغُ اللّٰهُ مِنْهُ عَلَى مِقْدَارِ نِصْفِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا، إِذَا أَخَذَ فِي حِسَابِ الْخَلَائِقِ،

فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ.﴾ [الأنبياء: ٤٧].

 يَعْنِي: لِسُرْعَةِ الْحِسَابِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.﴾ [الأنعام: ٢٢]،

إِلَى قَوْلِهِ:

﴿وَاللّٰهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ.﴾ [الأنعام: ٢٣]،

فَأَنْكَرُوا أَنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ. وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿وَلَا يَكْتُمُونَ اللّٰهَ حَدِيثًا.﴾ [النساء: ٤٢]

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ، وَزَعَمُوا أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ.

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَاللّٰهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ.﴾ [الأنعام: ٢٣]:

وَذٰلِكَ أَنَّ أَهْلَ الشِّرْكِ إِذَا رَأَوْا مَا يَتَجَاوَزُ اللّٰهُ عَنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِذَا سَأَلَنَا نَقُولُ: لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ. فَلَمَّا جَمَعَهُمُ اللّٰهُ، وَجَمَعَ أَصْنَامَهُمْ، وَقَالَ:

﴿أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ.﴾ [الأنعام: ٢٢]،

قَالَ اللّٰهُ:

﴿ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللّٰهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ.﴾ [الأنعام: ٢٣].

فَلَمَّا كَتَمُوا الشِّركَ، خَتَمَ اللّٰهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَأَمَرَ الْجَوَارِحَ فَنَطَقَتْ بِذٰلِكَ، فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ.﴾ [يس: ٦٥].

فَأَخْبَرَ اللّٰهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنِ الْجَوَارِحِ حِينَ شَهِدَتْ.

فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

أَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ.﴾ [الروم: ٥٥].

وَقَالَ:

﴿يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا.﴾ [طه: ١٠٣].

وَقَالَ:

﴿إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا.﴾ [طه: ١٠٤].

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا.﴾ [الإسراء: ٥٢].

مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ شَكَّتِ الزَّنَادِقَةُ.

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا.﴾ [طه: ١٠٣]:

قَالُوا ذٰلِكَ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ فَنَظَرُوا إِلَى مَا كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْبَعْثِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنْ لَبِثْتُمْ فِي الْقُبُورِ إِلَّا عَشْرَ لَيَالٍ، ثُمَّ اسْتَكْثَرُوا الْعَشْرَ فَقَالُوا: ﴿إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا.﴾ [طه: ١٠٤] فِي الْقُبُورِ، ثُمَّ اسْتَكْثَرُوا الْيَوْمَ فَقَالُوا: ﴿إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا.﴾ [الإسراء: ٥٢]، ثُمَّ اسْتَكْثَرُوا الْقَلِيلَ، فَقَالُوا: إِنْ لَبِثْتُمْ ﴿إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ.﴾ [الأحقاف: ٣٥]. فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللّٰهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ.﴾ [المائدة: ١٠٩].

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ.﴾ [هود: ١٨].

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا، يَقُولُونَ: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا﴾، وَأَخْبَرَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: ﴿هٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ.﴾ [هود: ١٨].

فَزَعَمُوا أَنَّ الْقُرْآنَ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللّٰهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ.﴾ [المائدة: ١٠٩]،

فَإِنَّهُ يَسْأَلُهُمْ عِنْدَ زَفْرَةِ جَهَنَّمَ ﴿فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ﴾ فِي التَّوْحِيد فَتَذْهَبُ عُقُولُهُمْ عِنْدَ زَفْرَةِ جَهَنَّمَ، فَيَقُولُونَ: ﴿لَا عِلْمَ لَنَا.﴾ [المائدة: ١٠٩]. ثُمَّ تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ عُقُولُهُمْ مِنْ بَعْدُ فَيَقُولُونَ: ﴿هٰؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ.﴾ [هود: ١٨].

فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ ۞ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ.﴾ [القيامة: ٢٢-٢٣]

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ.﴾ [الأنعام: ١٠٣]

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا؟ يُخْبِرُ أَنَّهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ.﴾ [الأنعام: ١٠٣]!

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ.﴾ [القيامة: ٢٢]، يَعْنِي: اَلْحُسْنَ وَالْبَيَاضَ ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ.﴾ [القيامة: ٢٣]، يَعْنِي: تُعَايِنُ رَبَّهَا فِي الْجَنَّةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ.﴾ [الأنعام: ١٠٣]، يَعْنِي: فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ. وَذٰلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِمُوسَى:

﴿أَرِنَا اللّٰهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ.﴾ [النساء: ١٥٣]

فَمَاتُوا، وَعُوقِبُوا لِقَوْلِهِمْ ﴿أَرِنَا اللّٰهَ جَهْرَةً.﴾ [النساء: ١٥٣].

وَقَدْ سَأَلَتْ مُشْرِكُو الْعَرَبِ النَّبِيَّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا:

﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللّٰهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا.﴾ [الإسراء: ٩٢].

فَلَمَّا سَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هٰذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ اللّٰهُ تَعَالَى:

﴿أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ.﴾ [البقرة: ١٠٨]،

حِينَ قَالُوا:

﴿أَرِنَا اللّٰهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ.﴾ [النساء: ١٥٣] اَلْآيَةَ.

فَأَنْزَلَ اللّٰهُ سُبْحَانَهُ يُخْبِرُ أَنَّهُ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، أَيْ أَنَّهُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا دُونَ الْآخِرَةِ، فَقَالَ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، يَعْنِي فِي الدُّنْيَا، فَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ.

فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُ مُوسَى:

﴿سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الأعراف: ١٤٣].

وَقَالَ السَّحَرَةُ:

﴿إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الشعراء: ٥١].

وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للِّٰهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.﴾ [الأنعام: ١٦٢]

إِلَى قَوْلِهِ:

﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.﴾ [الأنعام: ١٦٣].

فَقَالُوا: فَكَيْفَ قَالَ مُوسَى: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الأعراف: ١٤٣] وَقَدْ كَانَ قَبْلَهُ إِبْرَاهِيمُ مُؤْمِنٌ، وَيَعْقُوبُ وَإِسْحَاقُ؟ فَكَيْفَ جَازَ لِمُوسَى أَنْ يَقُولَ: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الأعراف: ١٤٣]؟. وَقَالَتِ السَّحَرَةُ: ﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الشعراء: ٥١]. وَكَيْفَ جَازَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.﴾ [الأنعام: ١٦٣]، وَقَدْ كَانَ قَبْلَهُ مُسْلِمُونَ كَثِيرٌ، مِثْلَ عِيسَى وَمَنْ تَابَعَهُ؟

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ وَقَالُوا: إِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ.

أَمَّا قَوْلُ مُوسَى:

﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الأعراف: ١٤٣]،

فَإِنَّهُ حِينَ قَالَ:

﴿قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾، قَالَ اللهُ تعالى: ﴿لَنْ تَرَانِيَ.﴾ [الأعراف: ١٤٣]، وَلَا يَرَانِي أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَاتَ،

﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ﴾ مِنْ قَوْلِي ﴿أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ﴾، ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الأعراف: ١٤٣]،

يَعْنِي أَوَّلَ الْمُصَدِّقِينَ أَنَّهُ لَا يَرَاكَ أَحَدٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَاتَ.

وَأَمَّا قَوْلُ السَّحَرَةِ:

﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ.﴾ [الشعراء: ٥١]،

يَعْنِي: أَوَّلَ مَنْ صَدَّقَ لِمُوسَى مِنْ أَهْلِ مِصْرَ مِنَ الْقِبْطِ.

وَأَمَّا قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ.﴾ [الأنعام: ١٦٣]،

يَعْنِي: مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ.

فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ.﴾ [غافر: ٤٦]

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ.﴾ [المائدة: ١١٥]

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.﴾ [النساء: ١٤٥].

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ، وَقَالُوا إِنَّهُ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا.

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ.﴾ [غافر: ٤٦]،

يَعْنِي: أَشَدُّ عَذَابِ ذٰلِكَ الْبَابِ الَّذِي هُمْ فِيهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ.﴾ [المائدة: ١١٥]،

وَذٰلِكَ أَنَّ اللّٰهَ مَسَخَهُمْ خَنَازِيرَ فَعَذَّبَهُمْ بِالْمَسْخِ مَا لَمْ يُعَذِّبْ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ النَّاسِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ.﴾ [النساء: ١٤٥]؛

لِأَنَّ جَهَنَّمَ لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ: جَهَنَّمُ، وَلَظَى، وَالْحُطَمَةُ، وَسَقَرُ، وَالسَّعِيرُ، وَالْجَحِيمُ، وَالْهَاوِيَةُ. وَهُمْ فِي أَسْفَلِ دَرْكٍ فِيهَا.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ تَعَالَى:

﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ.﴾ [الغاشية: ٦]،

 ثُمَّ قَالَ:

﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ۞ طَعَامُ الْأَثِيمِ.﴾ [الدخان: ٤٣-٤٤]،

فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ لَهُمْ طَعَامًا غَيْرَ الضَّرِيعِ. فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ.

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ.﴾ [الغاشية: ٦]،

يَقُولُ: لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ فِي ذٰلِكَ الْبَابِ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ، وَيَأْكُلُونَ الزَّقُّومَ فِي غَيْرِ ذٰلِكَ الْبَابِ، فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ۞ طَعَامُ الْأَثِيمِ.﴾ [الدخان: ٤٣-٤٤]؛

 فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿ذٰلِكَ بِأَنَّ اللّٰهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ.﴾ [محمد: ١١]،

ثُمَّ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللّٰهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ.﴾ [الأنعام: ٦٢]،

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُحْكَمِ؟ يُخْبِرُ أَنَّهُ مَوْلَى مَنْ آمَنَ، ثُمَّ قَالَ:

﴿وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ.﴾ [محمد: ١١]؟!

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ. أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿ذٰلِكَ بِأَنَّ اللّٰهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا.﴾ [محمد: ١١]،

يَقُولُ: نَاصِرُ الَّذِينَ آمَنُوا.

﴿وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ.﴾ [محمد: ١١]،

يَقُولُ اللهُ: لَا نَاصِرَ لَهُمْ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللّٰهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ.﴾ [الأنعام: ٦٢]:

لِأَنَّ فِي الدُّنْيَا أَرْبَابًا بَاطِلَةً. فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.﴾ [المائدة: ٤٢؛ الحجرات: ٩]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا.﴾ [الجن: ١٥].

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُحْكَمِ؟

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا.﴾ [الجن: ١٥]،

يَعْنِي الْعَادِلُونَ بِاللّٰهِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ لَهُ عِدْلًا مِنْ خَلْقِهِ فَيَعْبُدُونَهُ مَعَ اللّٰهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.﴾ [الحجرات: ٩]

يَقُولُ: اِعْدِلُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ النَّاسِ، إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ.

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿أَإِلٰهٌ مَعَ اللّٰهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ.﴾ [النمل: ٦٠]،

يَعْنِي: يُشْرِكُونَ. فَهٰذَا مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ.﴾ [التوبة: ٧١]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا.﴾ [الأنفال: ٧٢]،

فَكَانَ هٰذَا عِنْدَ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَعْنَاهُ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا. أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ.﴾ [الأنفال: ٧٢]،

يَعْنِي: مِنَ الْمِيرَاثِ، وَذٰلِكَ أَنَّ اللّٰهَ عَزَّ وَجَلَّ حَكَمَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لَمَّا هَاجَرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ أَنْ لَا يَتَوَارَثُوا إِلَّا بِالْهِجْرَةِ، فَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بِالْمَدِينَةِ مُهَاجِرٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَهُ أَوْلِيَاءٌ بِمَكَّةَ لَمْ يُهَاجِرُوا كَانُوا لَا يَتَوَارَثُونَ، وَكَذٰلِكَ إِنْ مَاتَ رَجُلٌ بِمَكَّةَ وَلَهُ وَلِيٌّ مُهَاجِرٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لا يَرِثُهُ الْمُهَاجِرُ؛

فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ.﴾ مِنَ المِيرَاثِ ﴿حَتَّى يُهَاجِرُوا.﴾ [الأنفال: ٧٢].

فَلَمَّا كَثُرَ الْمُهَاجِرُونَ رَدَّ اللّٰهُ ذٰلِكَ الْمِيرَاثَ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ، هَاجَرُوا أَوْ لَمْ يُهَاجِرُوا، فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّٰهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ.﴾ [الأحزاب: ٦].

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ.﴾ [التوبة: ٧١]،

يَعْنِي: فِي الدِّينِ، وَالْمُؤْمِنُ يَتَوَلَّى الْمُؤْمِنَ فِي دِينِهِ. فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِإِبْلِيسَ:

﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ.﴾ [الحجر: ٤٢؛ الإسراء: ٦٥].

وَقَالَ مُوسَى حِينَ قَتَلَ النَّفْسَ:

﴿هٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.﴾ [القصص: ١٥].

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ وَزَعَمُوا أَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ.

أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ.﴾ [الحجر: ٤٢؛ الإسراء: ٦٥]،

يَقُولُ: عِبَادَهُ الَّذِينَ اسْتَخْلَصَهُمُ اللّٰهُ لِدِينِهِ لَيْسَ لِإِبْلِيسَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ أَنْ يُضِلَّهُمْ فِي دِينِهِمْ، أَوْ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِمْ، وَلٰكِنَّهُ يُصِيبُ مِنْهُمْ مِنْ قِبَلِ الذُّنُوبِ. فَأَمَّا فِي الشِّرْكِ فَلَا يَقْدِرُ إِبْلِيسُ أَنْ يُضِلَّهُمْ عَنْ دِينِهِمْ لِأَنَّ اللّٰهَ سُبْحَانَهُ اسْتَخْلَصَهُمْ لِدِينِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُ مُوسَى:

﴿هٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ.﴾ [القصص: ١٥]،

 يَعْنِي: مِنْ تَزَيُّنِ الشَّيْطَانِ، كَمَا زَيَّنَ لِيُوسُفَ، وَلِآدَمَ وَحَوَّاءَ، وَهُمْ عِبَادُ الرَّحْمٰنِ الْمُخْلَصُونَ.

فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ لِلْكُفَّارِ:

﴿اَلْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هٰذَا.﴾ [الجاثية: ٣٤]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى.﴾ [طه: ٥٢].

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ. أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿اَلْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هٰذَا.﴾ [الجاثية: ٣٤]،

يَقُولُ: نَتْرُكُكُمْ فِي النَّارِ ﴿كَمَا نَسِيتُمْ.﴾ [الجاثية: ٣٤]، كَمَا تَرَكْتُمُ الْعَمَلَ لِلِقَاءِ يَوْمِكُمْ هٰذَا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى.﴾ [طه: ٥٢]،

يَقُولُ: لَا يَذْهَبُ مِنْ حِفْظِهِ وَلَا يَنْسَاهُ.

وَأَمَّا قَوْلُ اللّٰهِ عَزَّ وَجَلَّ:

﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ۞ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا.﴾ [طه: ١٢٤-١٢٥]،

وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:

﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.﴾ [ق: ٢٢].

فَقَالُوا: كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا مِنَ الْكَلَامِ الْمُحْكَمِ؟ يَقُولُ: إِنَّهُ أَعْمَى، وَيَقُولُ:

﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.﴾ [ق: ٢٢]

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ. أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى.﴾ [طه: ١٢٤]، يَعْنِي: عَنْ حُجَّتِهِ، ﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى.﴾ [طه: ١٢٥] عَنْ حُجَّتِي، ﴿وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا.﴾ [طه: ١٢٥] لَهَا، مُخَاصِمًا بِهَا.

فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ.﴾ [القصص: ٦٦]، يَقُولُ: اَلْحُجَجُ، ﴿فَهُمْ لَا يَتَسَاءَلُونَ.﴾ [القصص: ٦٦].

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.﴾ [ق: ٢٢]:

وَذٰلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ شَخَصَ بَصَرُهُ، وَلَا يَطْرِفُ بَصَرُهُ حَتَّى يُعَايِنَ جَمِيعَ مَا كَانَ يُكَذِّبُ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْبَعْثِ،

فَذٰلِكَ قَوْلُهُ:

﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ.﴾، يَقُولُ: غِطَاءُ الْآخِرَةِ، ﴿فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.﴾ [ق: ٢٢]، يَحِدُّ النَّظَرَ، لَا يَطْرِفُ حَتَّى يُعَايِنَ جَمِيعَ مَا كَانَ يُكَذِّبُ بِهِ مِنْ أَمْرِ الْبَعْثِ؛

فَهٰذَا تَفْسِيرُ مَا شَكَّتْ فِيهِ الزَّنَادِقَةُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ لِمُوسَى:

﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى.﴾ [طه: ٤٦]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ.﴾ [الشعراء: ١٥].

وَقَالُوا: كَيْفَ قَالَ:

﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا.﴾ [طه: ٤٦]،

وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى:

﴿إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ.﴾ [الشعراء: ١٥].

فَشَكُّوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ. أَمَّا قَوْلُهُ:

﴿إِنَّا مَعَكُمْ.﴾ [الشعراء: ١٥]،

فَهٰذَا فِي مَجَازِ اللُّغَةِ. يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: إِنَّا سَنُجْرِي عَلَيْكَ رِزْقَكَ، إِنَّا سَنَفْعَلُ بِكَ كَذَا خَيْرًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ:

﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى.﴾ [طه: ٤٦]،

فَهُوَ جَائِزٌ فِي اللُّغَةِ، يَقُولُ الرَّجُلُ الْوَاحِدُ لِلرَّجُلِ: سَأُجْرِي عَلَيْكَ رِزْقَكَ، أَوْ سَأَفْعَلُ بِكَ خَيْرًا.

قَالَ الْخَلَّالُ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللّٰهُ:

كَتَبْتُ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ أَكْثَرُ مِمَّا كَتَبَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ.
#33
مُقَدِّمَةٌ

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ،

وَبِهِ نَسْتَعِينُ وَعَلَيْهِ نَتَوَكَّلُ

أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْقَاضِي سَيْفُ الدِّينِ أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَحْمَدَ السَّلْمَاسِيُّ قَالَ: أَنْبَأَ الْقَاضِي الْإِمَامُ الزَّاهِدُ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنِ الْإِمَامِ أَبِي يَعْلَى بْنِ الْفَرَّاءِ بِمَسْجِدِهِ بِبَابِ الْمَرَاتِبِ فِي شَهْرِ رَبِيعِ الْآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسُمِائَةٍ، قُلْتُ لَهُ:

قَرَأْتَ عَلَى الْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيِّ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، قُلْتَ لَهُ: أَنْبَأَكَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ الْبَرْمَكِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَلاَّلِ قَالَ: أَنْبَأَنَا الْخَضْرُ بْنُ الْمُثَنَّى الْكِنْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللّٰهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللّٰهُ تَعَالَى قَالَ:

هٰذَا مَا أَخْرَجَهُ أَبِي رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ فِي:


اَلرَّدُّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ
فِيمَا شَكَّتْ فِيهِ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَتَأَوَّلَتْهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيُّ رَضِيَ اللّٰهُ عَنْهُ وَأَثَابَهُ الْجَنَّةَ وَغَفَرَ لَنَا وَلَهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ. آمِينَ.

اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي جَعَلَ فِي كُلِّ زَمَانِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، يَدْعُونَ مَنْ ضَلَّ إِلَى الْهُدَى، وَيَصْبِرُونَ مِنْهُمْ عَلَى الْأَذَى، يُحْيُونَ بِكِتَابِ اللّٰهِ الْمَوْتَى، وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِ اللّٰهِ أَهْلَ الْعَمَى، فَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لِإِبْلِيسَ قَدْ أَحْيَوْهُ، وَكَمْ مِنْ ضَالٍّ تَائِهٍ قَدْ هَدَوْهُ، فَمَا أَحْسَنَ أَثَرَهُمْ عَلَى النَّاسِ، وَأَقْبَحَ أَثَرُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ!.

يَنْفُونَ عَنْ كِتَابِ اللّٰهِ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ، الَّذِينَ عَقَدُوا أَلْوِيَةَ الْبِدْعَةِ، وَأَطْلَقُوا عِنَانَ الْفِتْنَةِ، فَهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي الْكِتَابِ، مُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ، مُجْمِعُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْكِتَابِ، يَقُولُونَ عَلَى اللّٰهِ، وَفِي اللّٰهِ، وَفِي كِتَابِ اللّٰهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، يَتَكَلَّمُونَ بِالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْكَلَامِ، وَيَخْدَعُونَ جُهَّالَ النَّاسِ بِمَا يُشَبِّهُونَ عَلَيْهِمْ، فَنَعُوذُ بِاللّٰهِ مِنْ فِتْنَةِ الْمُضِلِّينَ.
#34

اَلرَّدُّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ
فِيمَا شَكَّتْ فِيهِ مِنْ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ وَتَأَوَّلَتْهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ
اَلشَّيْخُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللّٰهُ تَعَالَى
#35
E-Kitaplar / PDF KELİME-İ TEVHÎD HAKKINDA B...
Son İleti Gönderen Subul’us Selâm - 02.04.2024, 12:00

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ


Oku        İndir
#36

[İbnu Teymiyye'nin Kelamının Sonu]

(İbnu Teymiyye Rahimehullâh devamla şöyle dedi:)

"Bu cahillerin görüşüne gelince, bu, dinden irtidadı ve âlemlerin Rabbi'ne küfrü gerektirir. Hiç kuşku yok ki bunların görüşünün aslı, Allâhu Teâlâ'nın mağfiret etmediği küfür olan Allâh'a ortak koşma kapsamındandır. Zira Allâh Subhânehu ve Teâlâ Kitabı'nda şöyle buyurmuştur:

"Şöyle dediler: Sakın ilahlarınızı bırakmayın." (Nûh, 71/23)

Ayetin sonuna kadar.174 Seleften birden fazla kişi şöyle demiştir: Bunlar Nûh kavminde bulunan salihlerden bir topluluğun isimleridir. Ölümlerinden sonra onların kabirlerinin yanı başında itikaf yaptılar. Sonra da onların timsallerini tasvir edip onlara ibadet ettiler. Buhârî'nin Sahîh'inde ve Ehl-i Hadis'ten bir cemaatin de zikrettiği gibi, hadis, tefsir ve nebîlerin kıssalarına dair kitaplarda da yakın ibarelerle bu zikredilmiştir.

Allâhu Teâlâ Nebî'si Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'e şöyle demesini emretti:

"De ki: Ben de ancak sizin gibi bir insanım. Bana vahyolunuyor." (el-Kehf, 18/110)

Dalalet ehli ise şöyle der: "Bunu Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem bizzat kendisi söylemiştir. Ancak bize gelince, biz onun hakkında o bir insandır diyemeyiz, aksine biz, falanca ve falancanın söylediği gibi söyleriz. Herkim Muhammed'in tamamıyla beşer olduğunu iddia derse küfre girmiştir!"

Bunu onlardan bir grup söylemektedir. Bu da Hristiyanların Mesih hakkında söylediğine benzemektedir. Hristiyanlar şöyle derler: "O tamamıyla insan değildir." Dahası, Mesih onlara göre ilahlığı ve insanlığı, tanrılığı ve beşer olmayı topluca kapsayan bir isimdir. Bunu da sofilerin ve şiilerin aşırılarından bir taife söyler, aynı Hristiyanların Mesih hakkında söylediği gibi ilâhlığın ve insanlığın nebilerde ve salihlerde bir araya toplandığını (ittihad) söylerler."175

"Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in ümmetine ölülerden -nebî olsun, salihlerden olsun, başkası olsun- hiç kimseye dua etmeyi; ne medet umma lafzı ile ne de başka bir lafız ile meşru kılmadığını zaruri olarak biliyoruz. Tıpkı ümmetine ölüler için ve ölülere secde etmeyi ve benzeri şeyleri meşru kılmadığı gibi. Aksine biz, bunların hepsinden nehyettiğini de bunların Allâh ve Rasûlü Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in nehyettiği şirk olduğunu da biliyoruz. Lâkin sonraki dönemdekilerin çoğunda cehaletin yaygın oluşu ve risaletin eseri hakkındaki ilmin az oluşu sebebiyle onları bununla tekfir etmemiz mümkün değildir, ta ki Rasûl Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in getirdiği ve kendilerinin muhalefet ettiği şey onlara açıklanana kadar.

İşte bu yüzdendir ki ben bu meseleyi İslam dinini bilen kime anlattıysam meseleyi anlayıp şöyle demiştir: "Bu İslam dininin aslıdır!"

Ashabımızdan ârif şeyhlerin en önde gelenlerinden bazıları şöyle derdi: "Bu, onun (İbnu Teymiyye'nin) bize beyan ettiği en azim meseledir!" Zira onlar bunun dinin aslından olduğunu biliyorlardı.

Bu kişi (Bekrî) ve benzerleri ise başka bir nahiyede İslam üzere olduklarını iddia eder, ölülere dua eder, onlardan ister, onlara sığınır, onlardan yardım isterlerdi. Bazen de ölülerle yaptıkları bundan daha azim olurdu. Çünkü onlar, kendi başlarına gelen bir zaruretten dolayı ölüye gider, kabrinin yanında ihtiyaçlarının karşılanacağını umarak zor durumda kalanların yaptığı şekilde ölüye ve ölü ile dua ederler. Bu ise onların Allâh'a ibadet edip O'na dua etmelerinin hilafınadır. Zira bunu, çoğunlukla Allâh'a ibadet etmekle mükellef oldukları için (zorunluluktan) ve âdet sebebiyle yaparlardı. Öyle ki İslam şeriatından ayrılmış düşman (Tatarlar) Dımaşk'a geldiğinde, başlarına gelen zorluğu kaldırmasını umdukları ölülerin kabirlerinin yanında ölülerden yardım dilemeye başladılar. Şairlerden biri şöyle dedi:

"Ey tatarlardan korkanlar... Ebû Ömer'in kabrine sığının!"

Veyahut da şöyle dedi:

"Ebû Ömer'in kabrine sığının... Sizi bu zor durumdan kurtarsın!"

Ben onlara şöyle dedim: Bu medet umduklarınız; şayet sizinle beraber savaşta olsaydı, Uhud Günü hezimete uğrayan Müslümanlar gibi hezimete uğrarlardı. Zira Allâh, bunu gerektiren sebeplerden dolayı ve Allâh Azze ve Celle'nin bu husustaki hikmetinden dolayı ordunun bozguna uğrayacağını taktir etmiş. İşte bu yüzden de din hususunda marifet sahipleri ve keşif ehli bu defa savaşa katılmadı, zira bu Allâh'ın ve Rasûlü'nün emrettiği şer'î bir savaş değildi.

Bundan sonra biz dini Allâh'a halis kılmayı ve Allâh'tan medet ummayı, Allâh'tan başkasından medet umulmayacağını, yani yakın bir melek veya gönderilmiş bir nebîden medet umulmayacağını emretmeye başladık.

Ne zamanki insanlar işlerini düzeltti, Rabblerinden medet umma hususunda doğru sözlü oldular, Rabbleri düşmanlarına karşı daha önce benzeri görülmemiş bir yardımla onlara yardım etti. Bundan evvel tatarlar böylesine hezimete uğramamıştı, zira daha evvel mevcut olmayan bir şekilde Allâh'ın tevhid edilmesi ve Rasûlü'ne itaat edilmesi kabule şayan oldu. Çünkü Allâh, Rasûlü'ne ve iman edenlere dünya hayatında ve şahitlerin şahitlik edecekleri günde yardım eder. Nitekim Allâhu Teâlâ Bedir Günü hakkında şöyle buyurdu:

"Hani Rabbinizden yardım dilemiştiniz, O da size cevap vermişti." (el-Enfâl, 8/9)

Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in Bedir Günü şöyle buyurduğu rivayet edilmiştir: "Ey Hayy, ey Kayyûm! Sen'den başka -ibadete layık, hak- hiçbir ilah yoktur! Rahmetinle Sen'den medet umarım!"

Başka bir lafızda şöyle geçmektedir: "Benim tüm işimi düzelt ve beni, göz açıp kapayana kadar bile kendi nefsime ve mahlûkatından kimseye bırakma!"176

"Bunlar ise ölü ve gaip kimselere dua eder ve onlardan biri şöyle der: "Ben senden medet umarım, sana sığınırım. Bize medet et! Bizi kurtar!" Yine şöyle der: "Sen benim günahlarımı bilirsin!" Bazıları ise ölülere şöyle der: "Beni bağışla! Bana merhamet et! Beni affet!" Ve buna benzer şeyler söylerler.

Aralarında bunu söylemeyen akıl sahipleriyse şöyle derler: "Ben günahlarımı sana şikâyet ederim! Düşmanımı sana şikâyet ederim! Emirlerin zulmünü, bidatlerin zuhur etmesini, zamanın verimsizliğini ve başka şeyleri sana şikâyet ederim!" Kabirdeki ölüye, dininde veya dünyasında başına gelen zararı şikâyet eder, şikâyet etmesindeki maksadı ise şikâyet ettiğinde ölünün bu zararı ortadan kaldırmasıdır. Bununla beraber şöyle de diyebilirler: "Başımıza gelen zararı sen bilirsin! İşlediğim günahları da sen bilirsin!"

Böylece canlı veya ölü hiçbir insanın bilmesi mümkün olmayan kulların günahları ve küçük detaylar hususunda bu ölüyü veya gaip olan canlı kişiyi bilgi sahibi addeder. Sonra onlardan bazıları isteklerini ve şikâyetlerini, bu kişinin ihtiyaçlarını karşıladığını düşünerek ona yöneltir, tıpkı isteyen kişinin -veçhini bilmese de yollardan bir yolla Rabb'inin bunları gidermesinin mümkün olmasından dolayı ve istemenin bir vesile ve sebep olmasından dolayı- istekleriyle ve şikâyetleriyle Rabb'ine hitap etmesi gibi.

Aralarındaki akıl sahipleri şöyle der: "Bizim maksadımız, Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in Allâh'a bizim için sormasıdır." Bunlar da Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem vefat ettikten sonra kendileri için Allâh'dan istemesini ondan istediklerinde, onun onlar için isteyeceğini ve şefaat edeceğini zannederler. Nitekim, Sahâbe Radiyallâhu Anhum istiskada ve başka zamanlarda ondan istediklerinde Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem istemiş ve şefaat etmişti, yine kıyamet gününde kendisinden şefaat istendiğinde şefaat edecektir.

Ancak bunlar, bilmezler ki ölüden veya gaipten istemek kesinlikle gayrı meşrudur ve bunu sahabeden kimse yapmamıştır, aksine (ölümünden sonra) ondan isteyip ondan dua talep etmekten yüz çevirip başkalarından istemeye ve başkalarından dua talep etmeye yöneldiler. Ayrıca şunu da bilmezler: Rasûl Sallallâhu Aleyhi ve Sellem, sair nebiler, salihler ve başkalarından, onlar hayattayken istenilen şeyler, ölümlerinden sonra istenilmez. Vallâhu Alem."

Özetlenmiş bir şekilde Şeyh'ul İslâm İbnu Teymiyye'den alıntı sona erdi.



174- Allâhu Teâlâ ilgili ayette şöyle buyurmuştur:

"Şöyle dediler: Sakın ilahlarınızı bırakmayın. Hele hele Vedd'i, Suvâ'ı, Yeğûs'u, Ye'ûk'u ve Nesr'i hiç bırakmayın." (Nûh, 71/23)

175- İbnu Teymiyye, el-İstigâse fi'r Raddi ale'l Bekrî, sf. 403-404.

176- İbnu Teymiyye, el-İstigâse fi'r Raddi ale'l Bekrî, sf. 411-414.
#37
Selef-i Salihin Akidesi / Ynt: ET-TUHFET'UL MEDENİYYE Fİ...
Son İleti Gönderen İ'tisam - 25.03.2024, 18:27

İmam, Âlim, Allâme, Mağrib'in Hâfızı, Zamanının Sünnet [Ehlinin] İmamı, et-Temhîd, el-İstizkâr ve Son Derece Değerli Eserlerin Müellifi Ebû Ömer Yûsuf bin Abdillâh bin Abd'il Berr en-Nemrî el-Endelusî'nin Görüşünün Zikri

Et-Temhîd isimli kitabında, İbn Şihâb'ın sekizinci hadisini şerh ederken şöyle dedi:

"Nüzul hadisinin isnadı sahihtir. Hadis ehli, onun sahihliği hususunda ihtilaf etmemiştir. Bu hadiste Allâh Azze ve Celle'nin semâda, yedi semânın üstünde, arşın üzerinde olduğuna delil vardır. Nitekim cemaat de böyle demiştir. Yine bu hadis, "Allâh her mekândadır ve arşın üzerinde değildir" görüşleri hususunda Mu'tezile ve Cehmiyye'ye karşı cemaatin hüccet[ler]i[nden]dir.

Hak ehlinin görüşünün sahih olduğuna ilişkin delil yüce Allâh'ın şu buyruğudur:

﴿‌الرَّحْمَنُ ‌عَلَى ‌الْعَرْشِ ‌اسْتَوَى﴾

"Rahman Arşa istivâ etti." (Tâ Hâ, 20/5)

Yine Allâh'ın şu buyruğudur:

﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾

"Gökte olandan emin misiniz?" (el-Mulk, 67/16)

"Gökte olandan," kasıt, arşın üzerinde olandır. "Fî" lafzı bazen "alâ" manasında olur.[261] Allâhu Teâlâ'nın şu kavlini görmez misin?

﴿فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ﴾

"Yeryüzünde dolaşın." (et-Tevbe, 9/2)

Yani yeryüzü üzerinde dolaşın. Allâhu Teâlâ'nın şu kavli de aynı şekildedir:

﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾

"...Sizi hurma kütüklerine asacağım!" (Tâ Hâ, 20/71)

Allâhu Teâlâ'nın şu kavli de bunu destekler:

﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾

"Melekler ve Ruh O'na yükselir." (el-Me'âric, 70/4)

Bu ayete benzeyen ayetler de bunu destekler. Bu ayetlerin hepsi, Mutezile'nin görüşünü iptal etme hususunda açıktır.

İstivâ hususunda mecazı iddia etmeleri ve istivânın açıklamasına dair istila etti anlamında olduğunu söylemelerine gelince, bunun bir manası yoktur. Çünkü bu, lügatte zahir değildir. İstilanın lügatte manası, birisine galip gelmeye çalışmaktır. Allâh'a ise hiçbir şey galip gelemez.

Ümmet, kastedilenin mecaz olduğu noktasında ittifak etmediği sürece sözü hakikati üzerine hamletmek, sözün bir hakkıdır. Zira Rabbimizden bize indirilene tabi olmanın bundan başka yolu yoktur. Şayet her iddiacının mecaz iddiasını kabul etseydik, ibadetlerden hiçbiri sabit olmazdı. Fakat Allâh, Arapların -alışageldiği hitabın ve dinleyenlerin nezdinde manası sahih olacak şekilde- anlayacağı tarzın dışında ümmete hitap etmekten münezzehtir.

İstivâ lügatte malumdur ve anlaşılan bir şeydir. İstivâ, uluvv (yücelik), bir şeyin üzerine yükselmek, karar kılmak ve orada temekkün etmek (yerleşmek) demektir.

Ebû Ubeyde, Allâhu Teâlâ'nın,

﴿‌الرَّحْمَنُ ‌عَلَى ‌الْعَرْشِ ‌اسْتَوَى﴾

"Rahman Arşa istivâ etti." (Tâ Hâ, 20/5)

Buyruğu hakkında şöyle dedi: Yükseldi demektir. [Yine şöyle dedi:] Araplar, bineğin üstüne istivâ ettim (çıktım) ve evin üstüne istivâ ettim (çıktım) derler.

Başkası da şöyle dedi: İstivâ, karar kılmak manasındadır. Bu sözüne de, Allâh'ın şu buyruğunu delil gösterdi:

﴿‌وَلَمَّا ‌بَلَغَ ‌أَشُدَّهُ ‌وَاسْتَوَى﴾

"O yiğitlik çağına erişip, istivâ ettiğinde (olgunlaştığında)" (el-Kasas, 28/14)

Yani gençliği bitip, karar kıldığında. Artık gençliğinde değildi.

İbnu Abd'il Berr dedi ki: İstivâ, uluvvda karar kılmak demektir. Allâh Azze ve Celle, Kitabı'nda bize bu şekilde hitap etmiş ve şöyle buyurmuştur:

﴿‌لِتَسْتَوُوا ‌عَلَى ‌ظُهُورِهِ﴾

"Onların sırtlarına istivâ etmeniz (yerleşmeniz) için." (ez-Zuhruf, 43/13)

Allâh yine şöyle buyurmuştur:

﴿‌فَإِذَا ‌اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ﴾

"Böylece sen ve seninle beraber olan kimseler, gemiye istivâ ettiğiniz (bindiğiniz) zaman..." (el-Mu'minûn, 23/28)

Allâh yine şöyle buyurmuştur:

﴿‌وَاسْتَوَتْ ‌عَلَى ‌الْجُودِيِّ﴾

"Ve gemi, Cûdî dağının üzerine istivâ etti (yerleşti)." (Hûd, 11/44)" [262]


[261] 56. dipnota müracaat ediniz.
[262] Yakın lafızlarla İbnu Abd'il Berr, et-Temhîd, Mu'esseset'ul Furkân, 5/139-142.
#38

[Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem ile İstigase Yapmaya Getirilen Deliller]

(İbnu Teymiyye Rahimehullâh devamla şöyle dedi:)

Bekrî, şöyle diyen âmânın hadisiyle ihticac etti: "Allâh'ım! Rahmet Nebîsi olan Sen'in Nebîn Muhammed ile Sana teveccüh ederek Sen'den istiyorum!"167

Ancak bu hadis, iki vecihten dolayı onun lehine bir hüccet değildir:

Birincisi: Bu istigase değildir, sadece Nebîyle yapılan teveccühtür.

İkincisi: Bu âmâ Nebî'nin duası ve şefaatiyle teveccüh etti. Zira o, Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'den dua talep etti ve duanın sonunda şöyle dedi: "Allâh'ım, onu benim için şefaatçi kıl!"168

Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in bu adam için şefaat ettiği böylece bilinir. Bu adam, Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in zatıyla değil şefaatiyle tevessül etti. Nitekim sahabe, yağmur namazında Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in duasıyla tevessül ediyorlardı, yine Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in vefatından sonra Abbâs Radiyallâhu Anh'ın duasıyla tevessül ettikleri gibi."169

"Yine bu hadisin başında, bu adamın Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'den kendisi için dua etmesini talep etmesi geçmektedir. Böylece bu hadis, Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in o adam için şefaat edip dua ettiğine ve Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in de o adama Allâhu Teâlâ'ya dua edip Allâh'tan yaptığı şefaatin kabul edilmesini istemesini emrettiğine delalet eder.

Adamın şu sözüne gelince: "Ey Muhammed! Bu ihtiyacımı gidersin diye seninle Rabbime teveccüh ediyorum!" Bu söz, kalpte hatıra getirilen bir kişiye hitaben söylenilmiştir. Nitekim namazlarımızda şöyle deriz: "Ey Nebî! Allâh'ın selamı, rahmeti ve bereketi senin üzerine olsun!" Yine insan, sevdiklerini ve buğz ettiklerini kalbinde hatırına getirip onlarla konuşur, bunun örneği çoktur."170

"Bekrî'nin zikrettiği Âdem'in tevessülü171 ve Mansûr'un hikayesine172 gelince, buna cevap iki vecihten verilir:

Birincisi: Bunların bir aslı bulunmamaktadır, bunlarla hüccet ikame edilmez ve isnatları da yoktur.

İkincisi: Velev ki bunlar, Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in zatıyla tevessül etmeye delalet etse de onunla istigase yapmaya delil değildir.

Devenin Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'e şikâyet etmesine gelince, bu aynı ademoğlunun ona şikâyet etmesi gibidir. İnsanlar kıyamet gününde Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'den istigasede bulunacakları gibi o hayattayken de her daim ondan istigasede bulunurlardı.

Daha evvel, Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'den makamına yaraşır bir şey istendiğinde bu hususta bir ihtilafın bulunmadığını söylemiştik. O hayattayken gücünün yettiği şeylerde ondan talepte bulunmak ve o hayattayken ondan istigasede bulunmak hakkında da hiç kimse ihtilaf etmemiştir.

Bu sebeple Bekrî'nin zikrettikleri, ihtilafın membaına dair delil teşkil etmemektedir. Ancak bu adam (Bekrî), istigase lafzını ve bu lafzın genel manasını alıp onunla şüpheye düşürdü. Bu zikrettikleri ancak "Herhangi bir şeyde, hayatta da olsa ölü de olsa hiç kimse Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'den istigasede bulunamaz" diyenlere uyar. Salihler bir yana, Nebî'ler ve Rasûller bir yana, hatta öncekilerin ve sonrakilerin efendisi bir yana, akıl sahibi bir kişinin bunu avamdan herhangi bir kimse hakkında bile söylemeyeceği malumdur. Bazı hususlarda herkesten istigasede bulunacağı muhakkakken, Allâh'ın indinde mahlûkatın en faziletlisi ve en kerimi hakkında durum nicedir? Ancak bundan nefyedilmesi, iki şeye dönmektedir: Nebî Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in vefatından sonra onunla istigase etmek ve Allâhu Teâlâ'dan başka kimsenin gücünün yetmediği şeyleri ondan talep etmek."173



167- Tirmizî, Hadis no: 3578; İbnu Mâce, Hadis no: 1385; İbnu Huzeyme, Sahîh, Hadis no: 1219; Nesâ'î, es-Sunen'ul Kubrâ, Hadis no: 10419-10421.

168- Tirmizî, Hadis no: 3578; İbnu Mâce, Hadis no: 1385; İbnu Huzeyme, Sahîh, Hadis no: 1219; Nesâ'î, es-Sunen'ul Kubrâ, Hadis no: 10419-10421.

169- İbnu Teymiyye, el-İstigâse fi'r Raddi ale'l Bekrî, sf. 257-262.

170- Yakın lafızlarla İbnu Teymiyye, İktidâ'us Sirât'il Mustakîm, 2/318-319.

171- Bekrî'nin delil olarak getirdiği kıssa, şöyle rivayet edilmiştir: Ömer İbn'ul Hattâb Radiyallâhu Anh şöyle dedi: Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu:

"Âdem günahı işleyince şöyle dedi: Ya Rabb! Muhammed'in hakkıyla Sen'den beni bağışlamanı istiyorum.

Allâh şöyle buyurdu: Ey Âdem! Ben henüz Muhammed'i yaratmamışken onu sen nereden bildin?

Âdem dedi ki: Ya Rabb! Ben onu bilirim, zira Sen beni elinle yarattığında, ruhundan bana üflediğinde başımı kaldırdım ve arşın direklerinin üzerinde La İlahe İllallâh Muhammed'un Rasûlullâh yazdığını gördüm. Ben de bildim ki Sen, Kendi isminin yanına ancak Sana en sevimli olan mahlukatını katarsın!

Allâh şöyle buyurdu: Doğru söyledin ey Âdem! Muhakkak ki Muhammed, mahlukatın bana en sevimli olanıdır. Bana onun hakkıyla dua edesin, Ben de seni bağışladım. Muhammed olmasaydı seni yaratmazdım."

Hâkim hadisi rivayet ettikten sonra şöyle diyor: "Bu, isnadı sahih olan bir hadistir." Zehebî ise bu hadisin mevzuu olduğunu belirtmiştir. (Hâkim, el-Mustedrak ala's Sahîhayn, İlmiyye, 2/672)

172- Bekrî'nin delil olarak getirdiği Mansûr kıssası, şöyle rivayet edilmiştir: İbnu Humeyd şöyle dedi: Müminlerin Emiri Ebû Ca'fer (Mansûr), Mâlik ile Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in mescidinde münazara etti.

Mâlik ona şöyle dedi: "Ey Müminlerin Emiri! Bu mescitte sesini yükseltme. Zira Allâhu Teâlâ bir topluluğu tedip edip şöyle buyurdu: "Seslerinizi peygamberin sesinden daha fazla yükseltmeyin." (el-Hucurât, 49/2) Bir topluluğu ise methedip şöyle buyurdu: "Allâh'ın elçisinin huzurunda seslerini kısanlar..." (el-Hucurât, 49/3) Bir topluluğu zemmedip şöyle buyurdu: "Sana bağıranların." (el-Hucurât, 49/4) Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'in ölüyken hürmeti (saygınlığı) aynı hayatta iken hürmeti (saygınlığı) gibidir."

Bunun üzerine Ebû Ca'fer tevazu gösterip şöyle dedi: "Ey Ebû Abdillâh! Kıbleye yönelip mi dua edeyim yoksa Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem'e mi yöneleyim?"

Mâlik şöyle dedi: "Senin ve atan Âdem Aleyh'is Selâm'ın kıyamet gününde Allâhu Teâlâ'ya olan vesileniz o iken neden ondan yüz çevirirsin? Aksine ona yönel ve şefaat iste ki Allâh onu şefaatçi kılsın. Allâhu Teâlâ şöyle buyurmaktadır: "Eğer onlar kendilerine zulmettikleri zaman..." (en-Nisâ, 4/64)" (Kadı İyâz, eş-Şumenî'nin haşiyesiyle eş-Şifâ, 2/40-41)

173- İbnu Teymiyye, el-İstigâse fi'r Raddi ale'l Bekrî, sf. 262-268.
#39
Selef-i Salihin Akidesi / Ynt: ET-TUHFET'UL MEDENİYYE Fİ...
Son İleti Gönderen İ'tisam - 18.03.2024, 12:00

Şeyh'ul İslam Ebû Osmân İsmâ'îl bin Abd'ir Rahmân en-Neysâbûrî es-Sâbûnî'nin Görüşünün Zikri

Sünnete dair risalesinde dedi ki:

"Hadis ashabı Allâh'ın -kitabında buyurduğu gibi- yedi semâsının üstünde, Arşının üzerinde olduğuna inanır ve şahitlik ederler. Ümmetin âlimleri ile selef imamlarının önde gelenleri, Allâh'ın Arşı üzerinde olduğu, Arşının da semâvâtının üzerinde olduğu hususunda hiç ihtilaf etmemişlerdir.

İmamımız Şâfi'î de el-Mebsût adlı eserinde kefaret hususunda mümine köleyi azat etmek meselesinde, Muâviye İbn'ul Hakem'in haberini delil göstermiştir. Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem siyahî cariyenin mümine olup olmadığını öğrenmek için ona şöyle dedi: "Rabbin nerede?" Cariye semâya işaret etti, çünkü kendisi Arap değildi. Bunun üzerine Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu: "Onu azat et. Çünkü o mümine birisidir!" Böylelikle Rasûlullâh Sallallâhu Aleyhi ve Sellem, cariye, Rabbinin semâda olduğunu ikrar edip, Rabbini uluvv ve fevkıyye (üstte oluş) sıfatlarıyla tanıtınca onun imanına hüküm verdi."[260]

Burada zikri geçen Sâbûnî fakih, muhaddis, sufi ve vaiz birisiydi. Zamanında Neysâbûr'un şeyhiydi. Güzel eserleri vardır. İbnu Huzeyme ve Serrâc'ın ashabından hadis dinlemiştir. 449 H yılında vefat etmiştir.


[260] Yakın lafızlarla Sâbûnî, Akîdet'us Selef ve Ashâb'ul Hadîs, Dâr'ul Âsıme, sf. 175-188.
#40
E-Kitaplar / PDF HUREYMİLA BELDESİ AHÂLİSİY...
Son İleti Gönderen Subul’us Selâm - 17.03.2024, 08:46

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ


Oku        İndir
🡱 🡳