بَابُ
بَيَانِ مَا أَبْطَلَ اللّٰهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ إِلَّا وَحْيًا وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ
قَالَ: قَوْلُهُ:
﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۞ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ۞ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.﴾ [النجم: ١-٤].
وَذٰلِكَ أَنَّ قُرَيْشًا قَالُوا: إِنَّ الْقُرْآنَ شِعْرٌ.
وَقَالُوا: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ.﴾ [الأنعام: ٢٥].
وَقَالُوا: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ.﴾ [الأنبياء: ٥].
وَقَالُوا: تَقَوَّلَهُ مُحَمَّدٌ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ.
وَقَالُوا: تَعَلَّمَهُ مِنْ غَيْرِهِ.
فَأَقْسَمَ اللّٰهُ بِـ﴿ـالنَّجْمِ إِذَا هَوَى.﴾ [النجم: ١] يَعْنِي: اَلْقُرْآنَ إِذَا نَزَلَ.
فَقَالَ:
﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ۞ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ.﴾ [النجم: ١-٢]
يَعْنِي: مُحَمَّدًا، ﴿وَمَا غَوَى ۞ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى.﴾ [النجم: ٢-٣].
يَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَقُلْ هٰذَا الْقُرْآنَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، فَقَالَ: ﴿إِنْ هُوَ.﴾ [النجم: ٤] أَيْ: مَا هُوَ، يَعْنِي الْقُرْآنَ ﴿إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.﴾ [النجم: ٤].
فَأَبْطَلَ اللّٰهُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ شَيْئًا غَيْرَ الْوَحْيِ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿إِنْ هُوَ﴾ [النجم: ٤]، يَقُولُ: مَا هُوَ ﴿إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.﴾ [النجم: ٤].
ثُمَّ قَالَ: ﴿عَلَّمَهُ﴾ [النجم: ٥]، يَعْنِي: عَلَّمَ جِبْرِيلُ مُحَمَّدًا الْقُرْآنَ وَهُوَ: ﴿شَدِيدُ الْقُوَى ۞ ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى.﴾ [النجم: ٥-٦]، إِلَى أَنْ قَالَ: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى.﴾ [النجم: ١٠] فَسَمَّى اللّٰهُ الْقُرْآنَ وَحْيًا وَلَمْ يُسَمِّهِ خَلْقًا.